• الصلاة القادمة

    العصر 13:46

 
news Image
Feb 19 22 at 07:00 PM

ونكمل مع كتاب زاد على الطريق لفضيلة الأستاذ مصطفى مشهور – رحمه الله – حول المعاني والأعمال التي يتزود بها الداعية في طريقه حيث يقول:

التفكر ........ فى اليوم الآخر

لاأكون مغالياً إذا قلت  إن اليوم الآخر لا ينال من تفكير واهتمام كثير من المسلمين  مثل ما يناله يوم من أيام الدنيا ، بل ربما مرَّت فترات طويلة على البعض دون أن يخطر على بالهم ذلك اليوم العظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين ، ألا ترى الناس يستعدون ويتشمرون لحر الصيف وبرد الشتاء ويتهاونون ولا يستعدون لاتقاء حر جهنم وزمهريرها .

ورغم تكرار عبارة الإيمان بالله و باليوم الآخر فى القرآن نرى الكثير لايذكرون ذلك اليوم ويرونه بعيد والأولى بالاهتمام الشىء القريب وهو الدنيا .

إن مجرد سماع أسماء ذلك اليوم الآخر ووقع رنينها من شأنه أن يهز المشاعر ويوقظ  القلوب الغافلة : القارعة ، الحاقة ، الصاعقة ، الواقعة ، الصاخة ، الطامة الكبرى ، ال غاشية ، الرجفة الى آخر هذه السماء و الصفات .

ولو تدبرنا ما ورد فى الكتاب و السنة من وصف لهذا اليوم وما سيحدث فيه وعشنا هذا الوصف حقاً لما طرفت لنا عين بنوم ولما ابتسمت لنا شفاه ولما هنأ لنا بال ولما جف لنا دمع .

من ذا الذى يقرا أو يسمع هذه الآيات ولا يتأثر ولا يصحو من غفلته :{ يا ايها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شىء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وماهم بسكارى ولكن عذاب الله شديد } .

فتعال يا أخى نتفكر سوياً فى اليوم الآخر وما فيه من أحداث ومشاهد يشيب لها الولدان ، نتفكر فى النفخ فى الصور والبعث و النشور  و العرض على الجبار للحساب و السؤال عن القليل و الكثير ونصب الميزان لمعرفة المقادير وتحديد المصير واجتياز الصراط الى الإسعاد بالجنة أو الإشقاء بالنار .

إننا لن نستطيع أن نتناول كل هذه المشاهد بتفصيل فى مقال أو أكثر ولكننا سنذكر بعض الملامح ونأخذ العبر كمثال ومنهج للتفكر و التدبر يزيد من إيماننا واهتمامنا باليوم الآخر .

النفخ فى الصور :

وتبدأ مشاهد اليوم العظيم بالنفخة الأولى فى الصور فيصعق من فى السموات ومن فى الأرض إلا من شاء الله ويصاحب ذلك أمور يصعب علينا مجرد تصورها كانفطار السماء وتناثر النجوم ونسف الجبال وتسجير البحار وزلزلة الأرض وتبعثر القبور ثم تبدل الأرض غير الأرض و السموات ثم تأتى النفخة الأخرى ويكون البعث و النشور ويكون الناس كالفراش المبثوث حفاة عراة ، ولنقرأ بعض الآيات و الأحاديث التى تصف هذه المشاهد :{ ونفخ فى الصور فصعق من فى السموات ومن فى الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون } :{ يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قلوب يومئذ واجفة أبصارها خاشعة يقولون إئنا لمردودون فى الحافرة } ، :{ فإذا برق البصر وخسف القمر وجمع الشمس و القمر يقول الإنسان يومئذٍ أين المفر  } :{ بيوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرىء منهم يومئذٍ شأنٌ يغنيه وجوهٌ يومئذٍ مسفرة ضاحكةٌ مستبشرة ووجوهٌ يومئذٍ عليها غبرة ترهقها قترة أولئك هم الكفرة الفجرة } .

هكذا فزعٌ وهلعٌ وحرٌ وعرقٌ وذهول ، وفى حديث ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  :( يوم يقوم الناس لرب العالمين حتى يغيب أحدهم فى رشحه الى أنصاف أذنيه ) متفق عليه فعلينا أن نجتهد اليوم لنكون فى ذلك اليوم من أصحاب الوجوه المسفرة الضاحكة المستبشرة .

العرض و الحساب و الميزان :

تصور نفسك يا اخى بين يدى الله عز وجل تسأل عن كل فعل أو قول صدر منك مهما صغر ، إذا كان البعض هنا فى الدنيا ترتعد فرائصهم عندما يسألهم رؤساؤهم عن خطأ ارتكبوه فما بالنا بالعرض على الله سبحانه :{ يومئذٍ تعرضون لا تخفى منكم خافية } ، :{ يومئذٍ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض  ولا يكتمون الله حديثاً } .. لا إنكار ولا اعتذار ولا تهرب :{ بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره } والشهود بعض أعضاء الجسم :{ يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون } وفى هذا الموقف ترد المظالم ويستوفى كل صاحب مظلمة حقه ممن ظلمه وهنا يجمل أن نذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :( هل تدرون من المفلس ؟ قلنا المفلس فينا يارسول الله من لا درهم له ولا دينار ولا متاع ، قال : المفلس من أمتى من يأتى يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة  ويأتى وقد شتم هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا  وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح فى النار ) .

وفى هذا الموقف تبدو الحسرة  و الخزى و الندامة و الخوف و الهلع وتجد من يقول :{ ياليتنى اتخذت مع الرسول سبيلاً ياويلتى ليتنى لم أتخذ فلاناً خليلاً لقد أضلنى عن الذكر بعد إذ جاءنى  وكان الشيطان للإنسان خذولاً } كما أن هناك آخرين فى أمن وسرور واستبشار نسأل الله أن نكون منهم .

الصراط:

وبعد هذا العرض و الحساب يأتى دور اجتياز الصراط المنصوب فوق جهنم ولو تصورت هذا المشهد كواقع أمامك لارتاع قلبك من مجرد التفكير فى اجتيازه تدبر معى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يمر الناس على جسر جهنم وعليه حسك وكلاليب وخطاطيف تختطف الناس يميناً وشمالاً ، وعلى جنبيه ملائكة يقولون  اللهم سلِّم اللهم سلِّم  فمن الناس من يمر مثل البرق ومنهم من يمر كالريح ومنهم من يمر كالفارس ومنهم من يسعى سعياً ومنهم من يمشى مشياً  ومنهم من يحبو حبواً ومنهم من يزحف زحفاً  ، فأما أهل النار الذين هم أهلها  فلا يموتون ولا يحيون وأما ناس فيؤخذون بذنوب وخطايا فيحترقون فيكونون فحماً ثم يؤذن فى الشفاعة ) متفق عليه عن أبى سعيد الخدرى .

أضف تعليقك