الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه.. أما بعد..
فيأتي اجتماع مجلس الجامعة العربية هذه الأيام في ذكرى أليمة تركت أثرا كبيرا في نفس كل عربي ومسلم، ألا وهي ذكرى النكبة بأرض فلسطين الحبيبة. وحيث إن المنطقة العربية والإسلامية تشهد اليوم محاولات دؤوبة ومستمرة؛ تهدف لاستمرار الهيمنة والسيطرة على ثروات ومقدرات المنطقة؛ وحرصا منا على توضيح موقفنا أمام الجميع حكام ومحكومين؛ فإننا نؤكد -بكل وضوح- في بداية رسالتنا ما يلي:
- أولاً: إن (الإخوان المسلمين) يرفضون كل صور الهيمنة الأجنبية، ويدينون كل أشكال التدخل الأجنبي في شؤون دول المنطقة العربية والإسلامية.
- ثانيًا: إن الإصلاح الشامل هو مطلبٌ وطنيٌّ وقوميٌ وإسلاميٌّ، وإن الشعوب هي المعنية -أساسًا- بأخذ المبادرة لتحقيق الإصلاح، الذي يهدف إلى إنجاز آمالها في حياةٍ حرةٍ كريمةٍ، ونهضةٍ شاملةٍ، وحريةٍ وعدلٍ ومساواةٍ وشورى.
ويرى (الإخوان المسلمون) أن واجب الوقت يقتضي من كل القيادات الوطنية، والحكومات القطرية، والقوى السياسية، والنخب الفكرية والثقافية، وكافة المهتمين بالشأن العام؛ أن يلتفوا حول إطارٍ عريضٍ ينطلق من المقومات الأساسية لمجتمعاتنا، وأن يتعاونوا في المتفق عليه- وهو كثير-، وأن يتحاوروا حول المختلف فيه- وهو قليل- من أجل الصالح العام لهذه الأمة.
وانطلاقًا من قناعة الإخوان المسلمين بأن العمل لمصلحة الأوطان دين وواجب؛ فإنهم يؤكدون- كذلك - على ما يلي:
- إننا نؤمن بأن مراجعة النفس واجب كل جماعة وفصيل، وهي حق للأوطان على الجميع، وتعد نقطة الانطلاق لأي تصحيح، ولذلك ندعو كل القوى الفاعلة في الأمة إلى مراجعة مسيرة المرحلة الماضية بكل تجرد وشفافية.
- يؤكد الإخوان المسلمون حرصهم المتين على الدول ومؤسساتها التي هي ملك للشعوب وحدها.
حضرات الملوك والأمراء والرؤساء قادة الدول العربية
انطلاقا من قول الله عز وجل: ﴿إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾؛ فإن الجماعة تنظر إلى وحدة الأمة العربية والإسلامية باعتبارها فريضة وضرورة، يجب أن يسعى الجميع لتحقيقها بالعمل على تنقية الأجواء بين الأقطار العربية والإسلامية، ووضع حد للنزاعات الحدودية واللجوء إلى الحلول الأخوية، بعيدا عن الاستجابة للمناورات المعادية الهادفة إلى تمزيق الأمة. وفي هذا الإطار:
- نتطلع إلى دور عربي فاعل لإحلال السلام في السودان، وليبيا، واليمن، وكذلك إنهاء التوتر بين الأشقاء في الجزائر والمغرب.
- والسعي لوضع حد للتنازع الداخلي بين بعض الأنظمة العربية والحركات الوطنية والإسلامية الذي لا يستفيد منه إلا أعداء الأمة. والعمل على ضمان حرية العمل الوطني والإسلامي باعتبارهما حقا مشروعا وضمانة للاستقرار، وداعما لصمود الأمة في مواجهة التحديات والأخطار.
- ونتحفظ على التطبيع مع النظام السوري بعد كل ما أذاقه لشعبه من قتل وسجن وتشريد للملايين، وفتح الباب لقوى أجنبية عديدة تعيث في سوريا فسادا وظلما.
- كما يجب التصدي للدعوات العرقية والإقليمية والطائفية التي تستهدف تجزئة الأمة وزرع الأحقاد بينها.
حضرات الملوك والأمراء والرؤساء قادة الدول العربية
للقدس وفلسطين مكانة مقدسة في قلب كل عربي ومسلم، وفي هذه الذكرى الأليمة التي نمر بها هذه الأيام؛ تدعو الجماعة إلى العمل على تحقيق أماني الشعوب وآمالها في:
- رفض كل الحلول المطروحة التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية وتجريد الشعب الفلسطيني من حقوقه التاريخية. والعمل على تحقيق وتأكيد وحدته الوطنية.
- التصدي لسياسات التطبيع مع العدو الصهيوني؛ فموقف جماعتنا سيظل واضحا في رفض التطبيع في كل مستوياته، وسيعمل جاهدا -بكل الوسائل الممكنة- لمقاومة جميع أشكاله، انطلاقا من حرصنا على مصلحة الأمة، ورفضنا لأي تفريط في حقوق أبنائها.
وأخيرا؛ فإننا نساند كل عمل عربي يحقق العزة والكرامة لأمتنا، وقد كنا وما زلنا جاهزين لبذل الغالي والنفيس من أجل نهضتها، ونحن في ذلك فصيل من أبنائها، أوفياء لحقوقها، شركاء في حاضرها ومستقبلها.
والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل
د. صلاح عبدالحق
القائم بأعمال المرشد العام لجماعة (الإخوان المسلمون)
الجمعة، 29 شوّال 1444 هـ، الموافق 19 مايو 2023 م
أضف تعليقك