عشر سنوات عجاف تمر على مصر منذ الانقلاب العسكري - في ٣ يوليو ٢٠١٣ - على السلطة الشرعية المنتخبة، والتنكر للحرية والديمقراطية والعدالة التي طالما حلم بها المصريون لعقود طويلة؛ ثم نجحوا – أخيرا- في الوصول إليها بعد ثورة 25 يناير المجيدة.
إن حصاد "عشرية الانقلاب السوداء" أكثر كارثية من أن نحيط به في بيان محدود كهذا؛ ولكنّ ثمة علامات بارزة أصبحت هي عنوان هذه العشرية؛ تتلخص فيما يلي:
أولا: نزيف الدماء المستمر الذي لم يتوقف منذ يوم الانقلاب. ولا يقتصر ذلك على أكبر عمليات القتل الجماعي في تاريخ مصر الحديث (يوم ١٤ أغسطس 2013)، بل يتواصل حتى الآن من خلال الإهمال الطبي "المتعمد" في السجون.
ثانيا: القمع والإقصاء الذي طال جميع المصريين- بمن فيهم من أيدوا الانقلاب العسكري- هؤلاء الذين يقبعون الآن؛ إما في سجون الظلم بين عشرات الآلاف من المظلومين، أو يعيشون على هامش الحياة تحت تهديد الرقيب، أو رحلوا مكرهين إلى المنفى بعيدا عن بلدهم.
ثالثا: تبديد حقوق مصر التاريخية في مياه النيل، والإضرار بأمن البلاد المائي؛ نتيجة الإدارة الشخصية "غير المحترفة" للمفاوضات مع إثيوبيا، تلك التي نتج عنها توقيع "وثيقة المبادئ المعيبة" في مارس 2015.
رابعا: إن هذه "العشرية السوداء" هي عشرية الغلاء والفقر والاستدانة دون شك؛ حيث سيكون إرثها الكئيب للأجيال القادمة ديونًا خارجية تتجاوز 165 مليار دولار، وأخرى داخلية تقدر بـــ ٥ تريليون جنيه، وهي حصيلة تتزايد دون توقف، معلنةً فشل السياسات الاقتصادية التي تمسكت بها الحكومة منذ يوليو 2013. ومازالت تلجأ إلى بيع الشركات الرابحة وممتلكات الدولة لسداد بعض هذه الديون.
إن هذه العلامات مجرد أمثلة "عابرة" على حصيلة "العشرية السوداء"، وهي لا تدع مجالا للشك بشأن ضرورة العمل؛ من أجل إنقاذ مصر، وإعادتها مجدَّدًا على طريق الحرية، والعدالة الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية، ذلكم الذي بشرت به ثورة يناير المجيدة.
لقد أعلنت جماعة الإخوان أنها لن تصارع على السلطة. ونحن اليوم نجدِّد التأكيد على هذا الموقف الذي يستشعر الظرف الحرج الذي تمر به بلادنا، ويريد فسح المجال لكل من يسعى للتغيير من أجل الإنقاذ. لكنّ هذا لا يعني بأي حال التخلي عن دورنا الوطني، بل التزامنا الراسخ بالعمل مع كافة القوى الوطنية من أجل إنقاذ الوطن، والحفاظ على مؤسساته ومقدراته وترابه، وتحقيق تحول ديمقراطي مستدام، وإنجاز مصالحة مجتمعية تجدِّد روح الوحدة والإخاء بين جميع المصريين. كما أن هذا الموقف لا يعني بأي حال التخلي عن مسؤوليتنا تجاه العمل على إنهاء ملف المعتقلين السياسيين.
إننا في هذه الذكرى الأليمة نوجِّه التحية لأسر الشهداء، الذين قضوا دفاعا عن الحلم الذي كانوا يتطلعون إلى تحقيقه؛ من أجل رفعة وطنهم، وإعزاز قيمه، واستقلال إرادته. وعلى رأسهم الرئيس الشهيد محمد مرسي.
كما نوجِّه التحية لكلِّ المعتقلين الذين سجنوا بسبب آرائهم؛ من السيدات والإخوة والأبناء، من كافة القوى والتيارات السياسية والاجتماعية.
ندعو الله تعالى أنْ يردَّ كل غائب إلى وطنه وبيته عزيزا كريما، كما ندعوه أن يحسن خلاص المعتقلين، وينهي غمَّة المصريين، وما ذلك على الله بعزيز.
الدكتور صلاح عبد الحق
القائم بأعمال المرشد العام للإخوان المسلمين
الإثنين؛ 15 ذو الحجة 1444 هـ الموافق 3 يوليو 2023 م.
أضف تعليقك