(1)
هناك «برومو» منتشر حاليا لكبير انقلابيي الأمة وطبيب فلاسفتها وراعي فلاترها، وهو يبشرنا ويؤكد علينا بأننا «هنشوف ماسر قد الدنيا.. سحيح»، ثم يرجع ويقول: «أنا مش قادر أديك.. هاتكلوا ماسر يعني.. يعني هتموتوها يعني»، قبل أن يلحس كل كلامه عن «أم الدنيا وقد الدنيا» ويعايرنا بأن «مصر شبه دولة»!!!
جملة اعتراضية: في جلساته واجتماعاته السرية قال وأتباعه عن مموليهم من بلاد «الرز» إنهم «أنصاف دول»، لكنه عاد علنا وعلى رؤوس الأشهاد ليفضح نفسه ويفضحنا معه فضيحة المطاهر ويقول إنه حاكم لـ «شبه دولة»!
(2)
حينما بشرنا هذا المنقلب وأتباعه بـ «ماسر الجديدة»، فإنهم ترجموا البشارة إلى رفع حصيلة القتلى من الأبرياء إلى أرقام قياسية تفوق أعداد شهداء الحروب التي خضناها مع إسرائيل.
لما تحدثوا عن الإصلاح كانت رصاصاتهم تحصد المتظاهرين وتعصف بالمصلين. عندما قصوا شريط إتاحة حرية الرأي للجميع كان صبيانهم يغلقون القنوات والصحف العصية على أذرعتهم الإعلامية، بينما «مواطنوهم الشرفاء» يسحلون الصحافيين والمصورين الذين يغطون الأحداث.
عار المنقلبين يكتمل
يواجهون «صرخات الحرية» بـ «النار الحي»، إنهم مثل كل دكتاتور أحمق لا يعترفون ولا يقرون أن أحدا يلفظهم إلا لو كان إرهابيا أو خائنا أو ملعوبا في دماغه. حتى من استخدموهم سابقا لصالحهم يتخلصون منهم واحدا واحدا.. محمد البرادعي. شباب 6 أبريل. باسم يوسف. وقبلهم بلال فضل وعلاء الأسواني.
(3)
واقعة «باسم» و»بلال» و»الأسواني» إشارة إلى أن الأتباع غير المتعكشنين والموسويين (نسبة إلى رائد الإعلام المصري في عصره الأغبر توفيق عكاشة ونسره أحمد موسى) هم الهدف المقبل للمنقلبين. سيتخلصون منهم واحدا واحدا.
«باسم» و»بلال» و»الأسواني» كانوا سوطا حادا -بالحق أحيانا وبالباطل في أغلب الأحيان- على الدكتور محمد مرسي. أختلف معهم أو أتفق لكنهم مبدعون بحق. أدوا دورهم في نهش الرئيس الشرعي المختطف. وبعدها «لا نريدكم في مدينتنا». انضموا لأصحاب الرائحة «النتنة» حسب وصف مفتى القتل والدماء علي جمعة للشباب الحر.
إذن تخلص المنقلبون من المبدعين الثلاثة الذين وقفوا -وأفترض فيهم حسن النية- في صف حلم وأد الديمقراطية، بتأييدهم «الصريح» الإطاحة بالرئيس المنتخب، ثم التأييد «الصامت» لإبادة من يطالبون باحترام أصواتهم الانتخابية.
لكن هل يأمن الانقلاب «شر» بقية المبدعين المصريين والعرب من الشباب والبنات الذين يملؤون فضاء مواقع التواصل الاجتماعي بهجة ومتعة، ويجلدون «البيادة» وعبيدها بسياط سخرية؟! وإذا حرك جحافل وفيالق «البلطجية والمواطنين الشرفاء» للقضاء عليهم باعتبارهم «جراثيم إرهابية»، فهل سيستطيع إيقاف أصوات المبدعين الأموات التي تطارده في حله وترحاله وتصب عليه اللعنة بذخيرة حية من الكلمات؟!
(4)
مبدعو مصر الحقيقيون الأموات قبل الأحياء، حاضرون أساسيون في المشهد الراهن، أمل دنقل نموذجا. إنه يرى بأم عينيه مشهد «الرصاص» الذي ينفذ الأوامر بعدم الانطلاق إلى العدو الحقيقي والغول الرابض على الحدود. يتركه ويتقهقر للخلف، ليصوب إلى جماجم وقلوب المطالبين بالحرية والعدل ولا يستثني حتى الأطفال من القتل.
قلت لكم مرارا..
إن المدافع التي تصطف على الحدود والصحاري..
لا تطلق النيران إلا حين تستدير للوراء..
إن الرصاصة التي ندفع فيها ثمن الكسرة والدواء..
لا تقتل الأعداء..
لكنها تقتلنا إن رفعنا صوتنا جهارا..
تقتلنا وتقتل الصغارا.
أضف تعليقك