تظل حرب العاشر من رمضان 1393 هـ علامة فارقة في تاريخ الأمة الإسلامية لانتصارها علي العدو الصهيوني الذي زرعه الاحتلال الصليبي في بلاد المسلمين.
ولم ينس المسلمون هزيمتهم قبلها بست سنوات واحتلال الصهاينة لسيناء وغزة والجولان والضفة والقدس، واحتلال فلسطين قبلها علي يد العصابات الصهيونية.
وكان لبعض القادة في الجيش المصري دور كبير في الاستعداد لهذه المعركة من كافة الاتجاهات وجميع السبل، الذين أيقنوا أن النصر علي العدو طريقه العقيدة السليمة والإعداد الجيد.
وقبل حرب رمضان بثلاثة أشهر، وزعت وزارة الحربية كتابا مهما علي جنود الجيش المصري بعنوان "عقيدتنا الدينية طريقنا إلي النصر" والذي كتب مقدمته الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة.
وبحسب البيانات الموجودة على غلاف الكتاب فهو مطبوع في 80 صفحة بواسطة إدارة المطبوعات والنشر في القوات المسلحة، وذلك بتاريخ السبت 30 يونيو 1973، أي قبل الحرب بنحو 3 شهور.
وقال الشاذلي مخاطبا جنوده "يا أبناء مصر يا جنود مصر الشرفاء.. يا أبناء العرب البواسل، آن الأوان أن نطهر أنفسنا من الهوان والذلة التي أصابتنا بعد 1967، آن الأوان لكي ننتقم لشرفنا وكبريائنا، آن الأوان لكي نثق في أنفسنا وقدراتنا التي يُشكك فيها الأعداء والأصدقاء الانهزاميين، فالقتال سلاح وعقيدة".
وذكر الجنود بأمجاد الأمة وتاريخها عند ملاقاة العدو، قائلا "آباءك العرب البواسل الذين أذهلوا العالم بالفتوحات والانتصارات، كانوا يشعرون بالخوف قبل بدء المعركة وكانوا يستعينون بالصلاة".
فهو يربط الجندي بربه في الالتزام بالصلاة غير ذاك الجيش الذي كان قادته يسكرون ويعربدون ليصبحوا بعدها منتكسون منهزمون، مذكرا إياه بمجد آبائه وأجداده وفتوحاتهم المجيدة.
وتحدث الكتاب عن أن المسلمين في عصر الرسول-عليه الصلاة والسلام- كانوا ينتصرون رغم قلة العدد والعتاد وذلك بسبب العقيدة الإسلامية الراسخة، فحققوا فتوحات امتدت في أقل من 100 عام من سيبريا شمالا إلى المحيط الهندي جنوبا، ومن الصين شرقا إلى قلب فرنسا غربًا.
وحاول مؤلف الكتاب زرع مراقبة الله وحده في أنفسهم داعيا إياهم لـ"ترك الخوف، والاتصال بربهم ومراقبته وإخلاص العبادة والطاعة له".
وركز علي تربية النفس إيمانيا وعسكريا فجاء بالكتاب: "أراد الله من المؤمنين أن يحققوا في أنفسهم ما يجعلهم أهلا لمواجهة أقسى التحديات للغلبة على الأعداء من التربية العسكرية والإقدام على التضحية والإتقان والجهاد والثبات في مواطن اليأس، والتمسك بمبادئ الفروسية التي لا يذل صاحبها ولا يخزى، وفي الوقت نفسه لا يضل ولا يطغى".
واهتم الكتاب بالجانب العسكري أيام النبي -عليه الصلاة والسلام- وقال: «كان النبي يحث الجنود على التدريب المستمر والتمرس بالحراب، وسمح للصحابة بذلك في المسجد، وبلغ تقدير المسلمين الأوائل للتدريب على القتال حتى في يوم العيد»، ودعاهم لتعلم باقي فنون التدريب غير حمل السلاح كـ«الرماية وركوب الخيل والسباحة»، وذكر أمثلة من عهد النبوة.
وفصل الكتاب الحديث عن أهمية الجهاد، وفضله وكرامة الشهيد عن الله تعالى، وقال إن «قتال المسُلم في سبيل الله، ولنصرة الحق وإعزازه وخذلان الباطل ورد كيده، لا لمغنم ولا لطلب جاه، فهو جهاد خالص لله تعالى».
ووصف الكتاب اليهود بـ"الأعداء"، وبشر الجنود بالنصر عليهم، وذكر قول الله تعالى: «ولتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا».
فتربي الجيش قبل النزول للميدان تربية روحية وعقدية صحيحة ليصبح الجندي مقاتلا لا يُقهر ولا تؤثر فيه الأساليب النفسية مهما بلغت من العنف، ولا يُبالي بتفوق العدو عليه عددا وعدة فيدخل المعركة وهو واثق من الفوز والانتصار.
وكان من المعتاد أن يقوم علماء الدين بزيارة الجبهة والشدِّ على أيدي الجنود والقادة وشحنهم للمعركة التي كان لازمًا على مصر خوضها ضد الاحتلال الصهيوني.
وتم تأهيل المقاتل المصري بالإيمان والقيم الروحية وصار شعاره خلال لحظة العبور والانتصار العظيم هي "الله أكبر" التي زلزلت قلوب الأعداء وذلك تحت شعار ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ﴾ (الرعد: 11).
أضف تعليقك