التهجد في ليلة القدر.. ما أعظم حظ من أدرك ذلك النصيب، فلقد صح الحديث عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بأن "من يقم ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" (متفق عليه عن أبي هريرة).
والتهجد في رمضان عامة أقرب طريق لغفران الذنوب أيضا فقد قال صلى الله عليه وسلم "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" (متفق عليه عن أبي هريرة).
إنه التهجد.. كلمة السر لمغفرة الذنوب.. صلاة الليل التي أمِـر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم رجاء أن يبعثه الله تعالى بها مقامًا محمودًا فقال عز وجل "ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا" (سورة الإسراء).
وحين نتأمل في ألفاظ الآية الكريمة نجد أنها أقرت أمرين غاية في الأهمية: الأول أن التهجد بالليل هو من النوافل لا من الفروض، والثاني أن هذه النافلة إنما تعود فائدتها على الإنسان نفسه، فهي قربى ووسيلة إلى الله تعالى يستنال به عطاؤه.
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما روته أم المؤمنين عائشة: "يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقلت له: لم تصنع هذا يا رسول اللَّهِ وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال: أفلا أكون عبداً شكورا" (متفق عليه عن عائشة).
ولقد امتدح الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بقيامه من الليل راغبا راهبا فقال تعالى "أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه" (سورة الزمر)
التهجد أمارة الصلاح ودليل القرب
والتهجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم وسيلة إلى المقام المحمود الذي يرجوه لنفسه يوم القيامة، فمن أراد القرب من رسول الله فعليه أن يسعى في نفس وسيلته من القيام والتهجد.
ولقد قال الله تعالى في وصف عباده المؤمنين "تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا" (سورة السجدة) وقال تعالى "كانوا قليلا من الليل ما يهجعون" (سورة الذاريات).
ولقد امتدح رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من أصحابه لافتًا نظره إلى شيء ينقصه وهو قيام الليل، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "نعم الرجل عبد الله -يعني عبد الله ابن عمر- لو كان يصلي من الليل"، فلم يدع عبد الله القيام بعدها.
التهجد في عين المولى عز وجل
أخرج أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "عجب ربنا من رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين أهله وحبه إلى الصلاة رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي".
وأخرج الطبراني عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم" وذكر منهم "رجل له امرأة حسناء وفراش حسن فيقوم من الليل، فيقول الله تعالى: يذر شهوته فيذكرني ولو شاء رقد".
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل نام ليلة حتى أصبح ولم يقم للصلاة فقال "ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه أو قال أذنه" (متفق عليه).
صلاة الليل من مفاتيح الجنة
وهذه بشرى من رسول الله صلى الله عليه وسلم للمصلين بالليل القائمين القانتين بدخول الجنة، فعن عبد اللَّه بن سلام رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام" (رواه الترمذي وقال حسن صحيح).
أضف تعليقك