رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم في خطاب للتعليق على اتفاق المصالحة التركي الصهيوني قال جملة واحدة طُلب من الرئيس مرسي أن يقولها مع أوباما في البيت الأبيض فرفض مرسي، وهي:"على الحكومتين مسؤوليات لتفعيل الاتفاقية وتطبيع العلاقات في المنطقة لصالح الشعبين." (التركي والصهيوني)
نعم.. طلب من الرئيس مرسي، كما تحدث مساعدين ومقربين له أن يلتقي أوباما على هامش قمة الأمم المتحدة في نيويورك وأن يقول هذه الكلمة فقط ضمن خطابه فرفض مرسي..
"تركيا قوية" حاجة أميركية ملحة، وقد قلت هذا مرارا سابقا، وبينته بالتفصيل في مقالي المخصص عن تركيا (لهذه الأسباب على تركيا أن تبدأ في القلق) .
أميركا وأوربا والنيتو يحتاج أوربا قوية لأنها تاريخيا "دولة حاجز" أو حائط صد أمام روسيا القيصرية!
ومع فشل وجود تركيا قوية بيد العلمانيين وإصرار الشعب التركي على الإسلاميين فإن الغرب كان مخيرا بين الإسلام الأصولي الشامل الرافض لعلاقات مع الكيان الصهيوني (نجم الدين أربكان) والذي كان راغبا في لعب أدورا يتعدى حدود الدور المرسوم لتركيا للوقوف في وجه روسيا، وبين أردوغان ورفاقه (وأنا أحبهم على المستوى الشخصي يعلم الله) الذين قبلوا اللعب وفق الشروط الأميركية!
وفعلا، خلال الخمسة عشر عاما الماضية، منعت أميركا عشرات الانقلابات العسكرية والمدنية على أردوغان منها 3 فقط العام الماضي، (2 عسكري و 1 مدني بدعم من الإمارات التي رشت النائب العام التركي ليلفق قضية ضد ابن أردوغان) وكانت أميركا تبلغه بتفاصيل مهمة عن الانقلابيين في كل مرة ليلة الانقلاب! فهل كان أردوغان يستطيع منع هذه الانقلابات لولا الدعم الاستخباري الغربي، والأميركي تحديدا؟؟
وقد رأينا جميعا أن من وقف لتركيا في سوريا ولجمها هو الطائرات الأميركية اف 16 التي مع تركيا، في حادثة اسقاط المقاتلة الروسية الشهير، وحديث مسؤولين روس أن القرار تم بالتنسيق مع المخابرات الأميركية، وهذا صحيح!
***
أي حديث عن وجوب اقتداء إخوان مصر بالنموذج التركي للنجاح كما نجحوا، هو حديث ساذج ينظر إلى أعراض المشكلة لا إلى حقيقة المرض! مصر تختلف عن تركيا كثيرا، فالجغرافيا التي وضعت تركيا في وجه روسيا أفادتها هنا، بينما الجغرافيا التي وضعت مصر على حدود إسرائيل جعلت الأمور أكثر تعقيدا للغاية!
مجرد تفوه الرئيس مرسي بكلمات تطبيعية كالتي ذكرتها أعلاه، كانت كفيلة بوأد المشروع الإسلامي قبل أن يبدأ، ولن تكون ذكتء سياسي كما يدعي البعض، بل انتحار متسرع، لأن ساعتها كان سيحدث الانقلاب أيضا، ولكن بعد أن يكون قد احترق الرئيس في عين مؤيديه، وسيكون الانقلاب وقتها أيسر بكثير مما هو عليه الآن!
عفوا.. نقدر مواقف تركيا وأردوغان القوية بحق الثورتين المصرية والتونسية، ونقدر دعمه للفلسطينيين.. لكنه ليس النموذج ولن يكون!
أضف تعليقك