{ولا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43)} [سورة إبراهيم].
في ظل النظام الانقلابي يوجد بضعة آلاف من عصابة الانقلاب وأذنابهم الذين يحتمون بالأسلحة وجلاوزة الشرطة وزبانية التعذيب، يستعبدون تسعين مليونا، وكلما رأى هؤلاء القتلة الخوف والألم في عيون المعذَّبين وسمعوا صرخاتهم؛ كلما تلذذوا وازدادوا في غيهم، كما أن سكوت الشعب عن جرائمهم وخوفه من إجرامهم جعلهم يظنون بأن ما يفعلونه هو الحق، ونحن لا نشك لحظة بأن هؤلاء مرضى نفسيين، مكانهم الطبيعيّ هو المستشفيات والمصحات النفسية!!
فما حدث للطالب (أبوبكر السيد عبد المجيد، 22 سنة) بالفرقة الثالثة كلية الهندسة، من الإبراهيمية بمحافظة الشرقية والذي اعتقل في 25 فبراير الماضي أثناء وجوده في منزله، حيث كان يعاني مضاعفات إجراء جراحة الرباط الصليبي قبل اعتقاله بأيام، ولما يتماثل للشفاء. وتم اتهامه بالتورط في مقتل نائب عام الانقلاب المقبور "هشام بركات"، وقد تعرض لعدد من الانتهاكات الوحشية منذ اعتقاله؛ من صعق بالكهرباء وضرب بالهروات الخشبية، وإخفائه قسريًا لمدة أسبوعين، ليعترف بجريمة لم يرتكبها، ما أدى إلى إصابته مؤخرا بـفقدان الذاكرة والجنون، فلم يستطع التعرف على أي فرد من أسرته خلال الزيارة الخاصة به!!
وهذه ليست الحالة الوحيدة التي تُظهر بشاعة النظام الانقلابي، وتعذيبه للشباب، فقد بعث أحد المعتقلين برسالة بخط يده تكشف كيفية تحول عمليات التعذيب في سجون ومعتقلات النظام الانقلابي إلى عمليات تعذيب ممنهجة لها قواعدها، لانتزاع الاعترافات أو لكسر المعتقل نفسيا!!
ومن أفظع هذه الأساليب كما أوضحتها الرسالة الاعتداء الجنسي على المعتقلين لإجبارهم على تقديم اعترافات، أو الإفصاح عن أسماء رفقائهم حتى يسهل إلقاء القبض عليهم، والتعذيب بالصعق بالكهرباء للأعضاء التناسلية؛ حيث يتم توصيل أسلاك كهربائية بأعضاء المعتقل التناسلية وصعقه مرارا حتى يخرَّ مغشيا عليه!!
وهناك الكسر المتعمد للأطراف مع ترك المعتقل دون تجبير أو علاج، وإطفاء السجائر في أجساد المعتقلين وبالذات في الأماكن الحساسة للمعتقل، والإهانة النفسية حيث يجبر المعتقل على امتثال أوضاع حيوانية كالكلب والدودة، ويؤمر قهرا أن يتعامل ككلب نابح، أو دودة زاحفة لكي يعتق نفسه من حصة التعذيب اليومية!!
وكانت منظمة العفو الدولية قد أصدرت تقريرا مطولا عن حالات التعذيب تتهم فيه السلطات الانقلابية بانتهاكات حقوق الإنسان والاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري والاختطاف والتعذيب باسم مكافحة الإرهاب؛ حيث أكدت أن السلطات تعتقل أشخاصا دون السماح لهم بالاتصال بعائلاتهم أو محاميهم، وبمعزل عن العالم الخارجي دون توجيه اتهامات رسمية أو محاكمة!!
وقال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية: إن هذا التقرير يكشف عن الأساليب الصادمة والوحشية التي لا تتورع السلطات عن استخدامها في محاولاتها لترويع المتظاهرين والمعارضين، حتى تكمم أصواتهم، ولقد أصبح الاختفاء القسري أداة رئيسية من أدوات سياسة النظام فمن يجرؤ على رفع صوته يصبح مهدداً في ظل استخدام مكافحة الإرهاب كذريعة لاختطاف واستجواب وتعذيب كل من يتحدى السلطات!!
كما كشف التقرير عن التواطؤ بين قوات الأمن الوطني والسلطات القضائية التي أبدت استعدادها للكذب من أجل التمويه على آثارها، أو التي لم تحقق في دعاوى التعذيب، ما يجعلها متواطئة في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان!!
وعلى الرغم من أن النظام الانقلابي لا يدرك أنه كان من أهم أسباب اندلاع ثورة يناير انتهاكات شرطة "حبيب العادلي" ضد الشعب، ومع ذلك فإن زبانية الشرطة استأسدوا بشكل كبر وتجبروا على الشعب، وتم ابتكار أساليب وبرامج للتعذيب بداية من التشريفة حتى أسرّة الموت. وكان مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف والتعذيب قد أصدر تقريرًا لتوثيق انتهاكات الشرطة خلال السنة الأولى من حكم زعيم عصابة الانقلاب، رصد فيه ٢٧٢ حالة وفاة بسبب تلك الانتهاكات. كما رصد ٢٨٩ حالة تعذيب فردي و٢٧ حالة تعذيب جماعي تتضمن استخدام الصعق بالكهرباء وإطفاء والحرق بالسجائر، والتعليق لساعات طويلة من الساعدين أو القدمين، والهجوم بالكلاب البوليسية، والتعرية والإغراق في الماء شديد البرودة أو السخونة.
ولماذا نذهب بعيدا؛ فقد هددت والدة الشاب الإيطالي "جوليو ريجيني" بأنها تمتلك 266 صورة لابنها الذي عُذب وقُتل في مصر، وسوف تقوم بنشرها في حال لم تقم الدول الأوروبية ومن ضمنها بريطانيا بالضغط على النظام الانقلابي للكشف عن قاتلي ابنها. كما طالبت المفوضية الأوروبية بسحب سفرائها من مصر وإعلانها بلدا غير آمن للسفر اليه إضافة إلى تعليق التعاون الاستخباراتي وصفقات الأسلحة مع القاهرة!!. كما طالبت أوروبا بمراقبة جميع المحاكم في مصر التي تنظر بقضايا ضد الأطباء والصحافيين المتهمين بالتآمر ضد زعيم عصابة الانقلاب!!
كما أن المجلس القومي لانتهاك حقوق الانسان -مجلس فايق- التابع للنظام الانقلابي اعتبر أن سجل السلطات المصرية في مجال حقوق الانسان لم يشهد تحسناً، وأن سلسلة من حالات الاختفاء التي تقف وراءها الشرطة قد تمّت، فضلا عن إساءة معاملة السجناء، وأن مكتب الشكاوى بالمجلس تلقى بلاغات عن 266 حالة اختفاء قسري خلال عام 2015، وبالتالي لا يمكن القول أن قضايا حقوق الانسان تشكل أولوية في اهتمامات الدولة حتى الآن!!
هذه شهادة مجلس فايق التابع للنظام الانقلابي، والذى يتستر على كل جرائمه وانتهاكاته اضطر أخيراً أن يعترف بأن التعذيب داخل السجون يعد واحداً من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان شيوعاً في مصر خلال العام الماضي، وشهد شاهد من منافقيها !!
أضف تعليقك