عادت صورة لقاء الدكتور عصام العريان مسؤول المكتب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، بزوجته في قاعة المحكمة، بالذاكرة لصورة مماثلة، جمعت بين وزير التموين بحكومة الرئيس محمد مرسي، د. باسم عودة وزوجته، والمتحدث باسم الجماعة أحمد عارف وزوجته، بعدما سمح لهم القاضي بالخروج من القفص وملاقاة ذويهم، الممنوعون من زيارتهم في محبسهم.
فقد وافق القاضي، اليوم الثلاثاء، على مقابلة عصام العريان لأبناءه داخل قفص المحكمة؛ حيث دخل أبناء الدكتور واحتضنهم في مشهد مؤثر وهو الذي لم يراهم منذ الانقلاب العسكري الذي قام به عبدالفتاح السيسي عام 2013، وهو المشهد الذي ذكرنا بمشهد التقاء باسم عودة، بأولاده، وتقديم وردة لابنته، التي لا تدري لمَ اعتقل أبوها ولمَ يقبع بالسجن حتى الآن، ومعهم أولاد وزوجة أحمد عارف الذين احتضنوا والدهم بعد سنوات من السجن الظالم.
وكلا المشهدين يعبرون عن افتقاد الزوجة الصامدة لزوجها الذي اعتقل فور حدوث الانقلاب، ولإبراز صورة الزوجة الصامدة إلى جوار زوجها، رغم أنه مشهد لا يوضح سوى جزء بسيط من المعاناة الشديدة التي تواجهها منذ اعتقاله حتى الآن.
ونفس الأمر ينطبق على الآلاف من زوجات المعتقلين والشهداء الذين يستحقون عن جدارة لقب "صامدات رغم المعاناة".
معاناة لا تنتهي
عند لقاء باسم عودة بزوجته في المحكمة أعطاها وردة للتعبير عن امتنانه لها لوقوفها وصمودها بجانبه في وجه الظلم وعقب انتهاء المقابلة، قالت الزوجة الدكتورة حنان توفيق على حسابها بموقع "فيسبوك" : " بعث إلي بوردة في قاعي المحكمة وعندما قابلته وشكرته عليها قال لي إنها لك، ثم لكل زوجة صامدة مرابطة في سبيل الله خلف زوجها".
وأضافت : "ولهذا فقد رأيت أنه يتحتم عليَّ إيصال الرسالة، فتحية خاصة لكل زوجات المعتقلين اللاتي أدين وﻻيزلن كل ما عليهن من واجبات دون تقصير أو كلل، ويحتسبن ما يجدن من حرمان وظروف قاسية لله ﻻ ينتظرن من غيره جزاءً وﻻ شكورا، وجبر الله خواطر كل الصابرات الصامدات كما جبر خواطرنا باﻷمس، وفرج الله عن كل معتقل صامد على طريق الحق حتى يرفع الله عنا الغمة وننعم بتحرير أوطاننا".
وفي عام 2015 قالت زوجة عودة على حسابها بموقع "فيسبوك" : " يكمل زوجي اليوم عامان في محبسه ..تحملنا خلالها أشياء لم نكن نتوقع قبل ذلك ان نتحمل القليل منها، ولكن ﻻ يكلف الله نفسا اﻻ ما آتاها من قوة وسعه وصبر ﻻ يلكلف الله نفسا اﻻ وسعها".
وزوجة باسم عودة تمثل حال معظم زوجات الإخوان المعتقلين، والذين هم السبب الرئيسي وراء ثبات هؤلاء الرجال في سجون الظالمين.
ويتحمل زوجات المعتقلين مالايستطيع غيرهم تحمله، فهن من يتحملن تربية الأبناء، في ظل غياب الأب، ويزينون أبنائهم بأجمل الملابس لزيارة الآباء بمحبسهم، مع تلقينهم ماسيقولونه لآبائهم حتى يرفعوا من روحهم المعنوية.
كما يتحملن سوء الأوضاع والزيارات داخل السجن، وعدم السماح لهن بدخول المتعلقات الخاصة بالمحبوسين، مما دفع بعض الأهالي للانتظار أمام السجن من اليوم السابق والنوم أمامه لكي يتمكنوا من الدخول، إذا سمح لهم.
ويقذف الله القوة والعزيمة في صدور الزوجات، ليثبّتهم على إيمانهم بقضيتهم، واستبسال أزواجهم وثباتهم وصبرهم، فإن فراق الزوج ومواجهة الزوجة مصاعب الحياة وحدها يعد عبئًا آخر يضاف إلى كاهل الزوجات، وبالرغم من كل تلك المعاناة والمآسي فلا أحد يسلط على تلك الزوجات الضوء، ولا أحد يتحدث عن قسوة ما يعانينه في ظل نظام قمعي استبدادي عسكري.
أضف تعليقك