علق الدكتو محمد محسوب، وزير الدولة لشؤون المجالس النيابية، بحكومة المهندس هشام قنديل على قرض حكومة الانقلاب من صندوق النقد الدولي بسؤال "ماذا يريد صندوق النقد من مصر؟".
وأضاف عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، "تعليق على بيان الصندوق حول الاتفاق مع حكومة الانقلاب وجاء كالتالي:
(1) البيان لا يتضمن توضيحا شفافا لشروط الاقتراض، ويدخل في باب الدعاية لحساب الانقلاب مع تغييب دور الشعب ورقابته على اتفاقات بأحجام يتحمل أثرها كل مواطن.
(2) البيان يشير إلى امتلاك مصر لإمكانات هامة تُمكنها من تحقيق نمو اقتصادي محترم، وهو أمر صحيح لكنه لا يشير لأثر إغلاق الأفق السياسي وإهدار الحقوق والحريات وعدم مكافحة الفساد على تبديد تلك الإمكانات.
(3) البيان يُشير للمستهدف من السياسة الاقتصادية والمالية للسلطة وهو تخفيض الدين العام من 98% إلى 88% من الناتح المحلي؛ وخفض عجز الموازنة من خلال زيادة الإيرادات وترشيد الإنفاق؛ دون أن يشير للوسائل المستخدمة لذلك سوى فرض ضرائب جديدة كضريبة القيمة المضافة وخفض دعم الطاقة؛ وهو ما يُلقي بالعبء كاملا على عاتق الشعب ولا يُكلف الحكومة سوى بأن تتحول لجابي.
(4) حديث بيان الصندوق عن توجيه جزء مما يتحقق من وفورات الموازنة لتحقيق الحماية الاجتماعية لمحدودي الدخل لا يختلف عما تُروجه السلطة وروجه مبارك من قبلها دون توضيح لكيفية تحقيق تلك الوفرات سوى بزيادة أعباء المواطن؛ وكيف يضمن الشعب أن أي وفرات لن تقع بيدي شبكة الفساد الداعمة للسلطة والتي لم يتخذ أي إجراءت ضدها ولا يمكنه أن يفعل لأنها ضرورية لدعمه في مواجهة الغضب الشعبي، ولم يُتعب الصندوق نفسه في حث السلطة التي يُفاوضها على اتخاذ أي إجراءات لمكافحة الفساد أو مسائلتها عن أسباب الإطاحة برئيس الجهاز المحاسبي الوحيد للدولة.
(5) أما ما ورد في البيان حول السياسة المالية فلم يزد عن الدعاية لأمرين؛ أولا: زيادة الاحتياطي الوطني، دون أن يشير إلى مصادر تلك الزيادة سوى ما قاله سابقا بشأن زيادة حصيلة الضرائب وخفض الدعم؛ وثانيا: الانتقال لنظام مرن لسعر الصرف، وهو ما يعني التبشير بانهيار جديد لسعر العملة الوطنية، مقابل تطمينات كاذبة بأ، ذلك سينعكس إيجابيا بتحسين القدرة التنافسية للصادرات المصرية ولقطاع السياحة؛ متجاهلا أن تحسين القدرة التنافسية للصادرات يفترض وجود منتجات للتصدير، والتي تراجعت لدرجات مخيفة بظل الانقلاب بما يُشير إليه عدد المصانع والمشروعات التي أُغلقت؛ كما إن السياحة تفترض أجواء مناسبة لتشجيعها وهو ما يعود بنا لمربع إنهاء الاحتقان السياسي.
(6) أما الإشارات الغامضة حول تحسين الحوكمة وتعزيز المسائلة فإنه يغفل عن الحقيقة المرة لغياب القانون وتحول التشريع إلى لعبة بيد السلطة التنفيذية؛ وربما أهم مظاهر ذلك التي يتغافل عنها الصندوق هو الطريقة التي جرى بها تمرير الموازنة العامة من برلمان شكلي لم ينتبه لاستجابة الموازنة لشروط الصندوق قبل أن تصل الدولة أصلا لاتفاق معه.
(7) ويصل البيان أخيرا لغايته ويكشف عن هدفه وهو ضمان استمرار الدعم للسلطة الحاكمة في مصر وليس دعما لمسيرة الشعب المصري واحتياجاته، فهو يدعو المؤسسات المالية والدول لدعم السلطة ويتعهد بأن يقوم هو بدور مندوبها السامي للتوسط لدى الغير لدعمها.
(8) أراقب ما يحصل وأضع أمامي مفاوضات الحكومة المصرية في عهد الدكتور هشام قنديل بشأن قرض أقل بكثير لا يتجاوز 4.5 مليار دولار في ظروف كانت أوضاع الاقتصاد المصري أفضل وسياساته المالية أصلب وتراجع في معدلات الفساد ونمو في السياحة وزيادة تحويلات المصرين، ومع ذلك راوغ الصندوق بهدف واحد وهو أن لا يمنح الاقتصاد المصري شهادة سلامة تشجع المستثمرين.
ورغم معارضتي لأي تعامل مع الصندوق في وقتها، وعدم قناعتي الدائمة بالسياسيات الإصلاحية التي يفرضها الصندوق على الدول النامية، بل وعدم ارتياحي للنوايا التي يحملها ممثلوها، ويقيني أن الاقتصاد المصري يمتلك مقومات النهوض دون حاجة للصندوق أو سياساته؛ إلا أنني لم أتصور أبدا أن تصل بجاحة مؤسسة مالية دولية للحد الذي ترفض فيه منح قرض تافه لدولة بحالة اقتصادية جيدة في ظروف سياسية ملائمة ونظام ديموقراطي اختاره الشعب، بينما لا تدخر جهدا في دعم سُلطة انقلابية، ويعلم القاصي والداني تلقيها لمليارات الدولارات من دول ومؤسسات بما فيها الصندوق نفسه، كما توسع توسعا غير مسبوق في الاقتراض الداخلي حتى خرّب جيوب المواطنين، دون أن نرى له كرامة ولا إنجازا ولا إصلاحا سوى تضخم أشداقه وتوسع قمعه وزيادة معدلات فساده، وتبني مشروعات يرى عبثيتها القريب قبل البعيد.
أضف تعليقك