منذ ثانية واحدة
لكسب ود المنظمات الاقتصادية الدولية، سارت خطوات نظام ما بعد الثالث من تموز/ يوليو 2013 في مصر متوافقة مع تلك المطالب، وكان أبرزها خفض الدعم على الوقود في تموز/ يوليو 2014، والسعي لتنفيذ ضريبة القيمة المضافة.
وخلال زيارتهم التشاورية لمصر في كانون الثاني/ يناير 2015، أعلن خبراء صندوق النقد الدولي مطالبهم لإصلاح الاقتصاد، والمتمثلة في: إصلاح المالية العامة وخفض الدين العام، وخفض دعم للوقود، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، وتطبيق سياسة أكثر مرونة لسعر الصرف، وغير ذلك.
وشهدت الشهور التالية تنفيذ الحكومة المصرية لتلك المطالب، ولهذا جاء برنامج حكومة شريف إسماعيل التي تولت في أيلول/ سبتمبر 2015؛ منفّذا لتلك المطالب، حتى يمكن الزعم بأن تنفيذ مطالب الصندوق هو تنفيذ لبرنامج إصلاحي مصري. وكان خفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار في آذار/ مارس 2016 أحد أشكال تنفيذ مطالب الصندوق.
وتشابهت مطالب الصندوق مع مطالب البنك الدولي، عند موافقته على إقراض مصر في كانون الأول/ ديسمبر 2015، بالإصرار على صدور قانون الخدمة المدنية لخفض فاتورة أجور الموظفين بالموازنة، وخصخصة شركات الكهرباء، خاصة شركة نقل الكهرباء، وما تبع ذلك من إصدار قانون جديد للكهرباء يسمح للقطاع الخاص بدخول مجال نقل الكهرباء إلى جانب مشاركته في الإنتاج.
وما يهمنا هنا هو مدى تأثير مطالب الصندوق - التي تقول الحكومة إنها برنامج خاص بها - على البسطاء من المصريين، وهم شريحة تزيد عما أعلنته جهات رسمية عن بلوغ نسبة الفقراء في عام 2015 نحو 27.8 في المئة، أي أكثر من 25 مليون شخص، تقل دخولهم الشهرية عن 482 جنيها لكلا منهم، وهو رقم تم الافتراض الرسمي أنه يغطي احتياجات الفرد الشهرية من الطعام والشراب والمسكن والملابس والصحة والتعليم والانتقال والاتصالات.
وبالطبع، فإن صغر هذا الرقم الرسمي في ضوء الزيادات المستمرة بأسعار السلع والخدمات؛ يعني اتساع أعداد البسطاء الذين يعيشون حتى على مبلغ ألف جنيه شهريا للفرد، لنصل بالعدد لأكثر من ضعف عدد من هم تحت خط الفقر الرسمي، والذي يجد تحفظا شديدا لدى الكثيرين.
أشكال من الزيادات السعرية
وعلى هؤلاء البسطاء أن يستعدوا لمزيد من المعاناة في ضوء استجابة الحكومة لمطالب الصندوق، خاصة أن صرف أقساط القرض الذي تحتاجه الحكومة بشدة ستكون بصفة نصف سنوية، ويتم صرفها بناء على مدى تنفيذ الحكومة لمطالب الصندوق، أو ما تسميه برنامجها الإصلاحي.
ومن ذلك فرض ضريبة القيمة المضافة، ما يعني وجود ضريبة جديدة على الاستهلاك ستساهم في زيادة تكلفة السلع والخدمات. وعلى الجانب المقابل، فإن مطلب خفض تكلفة أجور الموظفين بالحكومة، وعددهم يصل لنحو ستة ملايين موظف، وتحديد الحد الأقصى لعلاوتهم السنوية بنسبة 7 في المئة، يعني عدم استطاعة أجورهم مجاراة الزيادات بالأسعار، في ظل معدل تضخم رسمي -لا يلقى مصداقية لدى الخبراء- بلغ 14.8 في المئة في تموز/ يوليو الماضي، وتخطى نسبة 19 في المئة لمجموعة الطعام والشراب.
كما أعلنت وزارة المالية نيتها رفع أسعار عدد من الخدمات الحكومية، وهو ما بدأت به بالفعل ومنها رسوم وثائق الزواج والطلاق، إلى جانب موافقة البرلمان على رفع رسوم التقاضي.
ومن الطبيعي أن يؤدي الخفض المتوقع في سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي؛ إلى زيادة تكلفة الواردات في بلد يستورد أكثر من 60 في المئة من غذائه، إلى جانب زيادة تكلفة المواد الخام اللازمة للصناعة، والمواد الوسيطة والسلع الاستثمارية، مع الأخذ في الاعتبار زيادة أسعار عدد من السلع بالشهور الأخيرة عالميا، مثل السكر واللحوم ومنتجات الألبان.
وسيؤدى خفض الدعم على الوقود إلى زيادة تكلفة الانتقال، وزيادة تكلفة نقل السلع، ما يرفع تكلفتها، وهو أمر يمتد لكافة أنواع السلع، بداية من المواد الغذائية إلى مواد البناء، ونفس الأثر للاستمرار في رفع أسعار استهلاك الكهرباء للمرة الثالثة منذ مجيء نظام تموز/ يوليو 2013، والذي ينعكس على أسعار منتجات الشركات، وعلى السلع المباعة بالمحلات التجارية، مع عدم الالتزام بالوعد الرئاسي بإعفاء الشرائح الثلاثة الأقل استهلاكا للكهرباء من الزيادات السعرية، ليزداد الضغط على فاتورة الاستهلاك المنزلي، والتي تشكو أيضا من رفع سعر الغاز الطبيعي ومياه الشرب، رغم ما تواجهه من زيادات بأسعار الخضر والفاكهة واللحوم، حيث بلغ سعر كيلو اللحم بالمجمعات الاستهلاكية الحكومية 60 جنيها.
كما أن خفض الإنفاق الحكومي المطلوب سيؤثر على الاستثمارات الحكومية، المتجهة للمستشفيات والعلاج والمدارس والبنية الأساسية، مما يؤجل تحسين الأحوال المعيشية في غالب أنحاء البلاد، خاصة بالمناطق الفقيرة والنائية، رغم اعتراف الجهاز الرسمي للإحصاء ببلوغ نسبة الفقر 57 في المئة من سكان ريف الوجه القبلي.
وخلال زيارتهم التشاورية لمصر في كانون الثاني/ يناير 2015، أعلن خبراء صندوق النقد الدولي مطالبهم لإصلاح الاقتصاد، والمتمثلة في: إصلاح المالية العامة وخفض الدين العام، وخفض دعم للوقود، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، وتطبيق سياسة أكثر مرونة لسعر الصرف، وغير ذلك.
وشهدت الشهور التالية تنفيذ الحكومة المصرية لتلك المطالب، ولهذا جاء برنامج حكومة شريف إسماعيل التي تولت في أيلول/ سبتمبر 2015؛ منفّذا لتلك المطالب، حتى يمكن الزعم بأن تنفيذ مطالب الصندوق هو تنفيذ لبرنامج إصلاحي مصري. وكان خفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار في آذار/ مارس 2016 أحد أشكال تنفيذ مطالب الصندوق.
وتشابهت مطالب الصندوق مع مطالب البنك الدولي، عند موافقته على إقراض مصر في كانون الأول/ ديسمبر 2015، بالإصرار على صدور قانون الخدمة المدنية لخفض فاتورة أجور الموظفين بالموازنة، وخصخصة شركات الكهرباء، خاصة شركة نقل الكهرباء، وما تبع ذلك من إصدار قانون جديد للكهرباء يسمح للقطاع الخاص بدخول مجال نقل الكهرباء إلى جانب مشاركته في الإنتاج.
وما يهمنا هنا هو مدى تأثير مطالب الصندوق - التي تقول الحكومة إنها برنامج خاص بها - على البسطاء من المصريين، وهم شريحة تزيد عما أعلنته جهات رسمية عن بلوغ نسبة الفقراء في عام 2015 نحو 27.8 في المئة، أي أكثر من 25 مليون شخص، تقل دخولهم الشهرية عن 482 جنيها لكلا منهم، وهو رقم تم الافتراض الرسمي أنه يغطي احتياجات الفرد الشهرية من الطعام والشراب والمسكن والملابس والصحة والتعليم والانتقال والاتصالات.
وبالطبع، فإن صغر هذا الرقم الرسمي في ضوء الزيادات المستمرة بأسعار السلع والخدمات؛ يعني اتساع أعداد البسطاء الذين يعيشون حتى على مبلغ ألف جنيه شهريا للفرد، لنصل بالعدد لأكثر من ضعف عدد من هم تحت خط الفقر الرسمي، والذي يجد تحفظا شديدا لدى الكثيرين.
أشكال من الزيادات السعرية
وعلى هؤلاء البسطاء أن يستعدوا لمزيد من المعاناة في ضوء استجابة الحكومة لمطالب الصندوق، خاصة أن صرف أقساط القرض الذي تحتاجه الحكومة بشدة ستكون بصفة نصف سنوية، ويتم صرفها بناء على مدى تنفيذ الحكومة لمطالب الصندوق، أو ما تسميه برنامجها الإصلاحي.
ومن ذلك فرض ضريبة القيمة المضافة، ما يعني وجود ضريبة جديدة على الاستهلاك ستساهم في زيادة تكلفة السلع والخدمات. وعلى الجانب المقابل، فإن مطلب خفض تكلفة أجور الموظفين بالحكومة، وعددهم يصل لنحو ستة ملايين موظف، وتحديد الحد الأقصى لعلاوتهم السنوية بنسبة 7 في المئة، يعني عدم استطاعة أجورهم مجاراة الزيادات بالأسعار، في ظل معدل تضخم رسمي -لا يلقى مصداقية لدى الخبراء- بلغ 14.8 في المئة في تموز/ يوليو الماضي، وتخطى نسبة 19 في المئة لمجموعة الطعام والشراب.
كما أعلنت وزارة المالية نيتها رفع أسعار عدد من الخدمات الحكومية، وهو ما بدأت به بالفعل ومنها رسوم وثائق الزواج والطلاق، إلى جانب موافقة البرلمان على رفع رسوم التقاضي.
ومن الطبيعي أن يؤدي الخفض المتوقع في سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي؛ إلى زيادة تكلفة الواردات في بلد يستورد أكثر من 60 في المئة من غذائه، إلى جانب زيادة تكلفة المواد الخام اللازمة للصناعة، والمواد الوسيطة والسلع الاستثمارية، مع الأخذ في الاعتبار زيادة أسعار عدد من السلع بالشهور الأخيرة عالميا، مثل السكر واللحوم ومنتجات الألبان.
وسيؤدى خفض الدعم على الوقود إلى زيادة تكلفة الانتقال، وزيادة تكلفة نقل السلع، ما يرفع تكلفتها، وهو أمر يمتد لكافة أنواع السلع، بداية من المواد الغذائية إلى مواد البناء، ونفس الأثر للاستمرار في رفع أسعار استهلاك الكهرباء للمرة الثالثة منذ مجيء نظام تموز/ يوليو 2013، والذي ينعكس على أسعار منتجات الشركات، وعلى السلع المباعة بالمحلات التجارية، مع عدم الالتزام بالوعد الرئاسي بإعفاء الشرائح الثلاثة الأقل استهلاكا للكهرباء من الزيادات السعرية، ليزداد الضغط على فاتورة الاستهلاك المنزلي، والتي تشكو أيضا من رفع سعر الغاز الطبيعي ومياه الشرب، رغم ما تواجهه من زيادات بأسعار الخضر والفاكهة واللحوم، حيث بلغ سعر كيلو اللحم بالمجمعات الاستهلاكية الحكومية 60 جنيها.
كما أن خفض الإنفاق الحكومي المطلوب سيؤثر على الاستثمارات الحكومية، المتجهة للمستشفيات والعلاج والمدارس والبنية الأساسية، مما يؤجل تحسين الأحوال المعيشية في غالب أنحاء البلاد، خاصة بالمناطق الفقيرة والنائية، رغم اعتراف الجهاز الرسمي للإحصاء ببلوغ نسبة الفقر 57 في المئة من سكان ريف الوجه القبلي.
أضف تعليقك