بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين .الرحمن الرحيم . مالك يوم الدين. إياه نعبد وبه نستعين . ونسأله سبحانه أن يهدينا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعم الله تبارك وتعالى عليهم من الأنبياء والمرسلين والدعاة المخلصين أما بعد ...لن ينفك الداعيه المؤمن بين جذبين:
جذب إيمانه ، ونيته وهمته، ووعيه، وشعوره بمسؤليته فهو من ذالك فى عمل صالح او عزمة خير .
وجذب الشيطان والهوى والنفس من جهة اخرى ، وتزيينه الفتور وحب الدنيا والتراجع واليأس من الإصلاح فهو من ذلك فى غفلة وكسل وطول أمل وتراخ عن تعلم مايجهل وعمل مايجب.
وهذا التردد بين الجذبين أزلى قديم لا ينقطع .وبسببه أوجب الدعاه الصادقون على أنفسهم جلسات تفكر وتأمل وتناصح يتفقدون فيها النفس أن يطرأ عليها يأس أو كبر أوعجب أو بطر ، والقلب أن يعتريه ميل عن الحق والشرع والشرعية . والعلم والإيمان أن يتلبسا بإفراط يزيد بدعة أو تفريط ، يهمل أمرا ، أو إرشادا ، أو إصلاحا ، وحراكا . ولقد ترجم لنا معاذ إبن جبل رضى الله عنه هذا الإحساس والشعور بكلمة فى دستور الدعاة فقال لصاحبه وهو يذكره (اجلس بنا نؤمن ساعة ) البخارى .
وأخذها ابن رواحه فقال لأبى الدرداء رضى الله عنهما وهو آخذ بيده (تعال نؤمن ساعة إن القلب أسرع تقلبا من القدر إذا إستجمعت غليانا ) فاجلس بنا أخى الحبيب أختى الفاضله نؤمن ساعة لننطلق بهذا الإيمان صلاحا وإصلاحا وإزاحة للفساد وأهله بعزم وحسم وقوة وثبات واستمرار .
فإياكم وكل هوى يسمى بغير الإسلام فكل ماهو غير الإسلام لا يعدو أن يكون هوى من الأهواء مهما تعدد شكل هذا الغير وأيا كان الزمن الذى يظهر فيه فليس لدى أهل الإيمان إلا حق واحد وهو الوحى وما عداه فهو الهوى المذموم الذى لا يمدح شئ منه ولا يلتحق بالحق ولا يجوز للمسلم أن يحتكم إليه او يطمئن إليه قلبه (ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ) (فأما من طغى وآثر اليه الدنيا فإن الجحيم هى المأوى ) وقال فى قسيمه ( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هى المأوى ).
فقد حصر الأمر فى شيئين :-
*الوحى ،وهو الشريعة والشرعية والمشروعية .
*الهوى ، وهو الباطل والفساد والإفساد .
فهما متضادان ،وحين تعين الحق فى الوحى وجب إتباعه والدفاع والذب عنه ومجابهة الهوى، وأهل الهوى أى أهل الباطل وإزاحتهم عن الطريق ليرى الناس الحق فيتبعوه ويدافعوا عنه (ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون ) فإما شريعة الله وإما أهواء الذين لا يعلمون ، وليس هناك فرض ثالث ولا طريق وسط بين الشريعة المستقيمة والشرعية الحقة .
والأهواء المتقلبه وما يترك أحد شريعة الله إلاليحكم الأهواء فكل ماعدا الشريعة والشرعية والمشروعية هوى يهفو إليه الذين لا يعلمون (ياأيها الذين آمنوا ادخلوا فى السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان ) ( فإما هدى الله وإما غواية الشيطان ) وبمثل هذا الحسم والحزم يدرك الداعية الثائر موقفه فلا يتلجلج ولا يتردد ولا يتحير بين شتى السبل وشتى الإتجاهات إنه طريق الجهاد لكل باطل وهوىوفساد وإفساد إنه طريق الثورة على كل فاسد مفسد إنه طريق.
إستمرار الثورة على كل عائق دون رضى الله والتمكين لدينه فى الأرض . فالمؤمن بين خمس شدائد : مؤمن يحسده ومنافق يبغضه وكافر يقاتله وشيطان يضله ونفس تنازعه . وقد سئل الفاروق عمر ابن الخطاب رضى الله عنه (أتوشك القرى أن تخرب وهى عامرة ؟ قال : إذا على فجارها على أبرارها .) . فإن علو الفجار على الأبرار سبب الإضطراب والخراب والفساد السياسى والإقتصادى والإجتماعى والتربوى والعلمى والتعليمى والإعلامى .... إلخ
والله سبحانه شديد الغيرة على دينه وعلى أعراض العباد فيمهل الأمه حين يعلو الفاجر .
ويحب سبحانه أن تبادر جماعه من عباده الأبرار لإصلاح الأحوال ومنازعة الفجارالفسدة والإطاحة بهم لترجع الأمور إلى نصابها ويعود العمران والخير والعدل والحق ، فإن بادرت جماعة أمر سبحانه ملائكته بنصرهم وفتح عليهم ينابيع فضله وبركته وتوفيقه وإلا فإنه يمهل أخرى من بعد أخرى حتى إذا تمادى الفاجر الفاسد المفسد ومن معه من الفسدة فى فسادهم وفجرهم ، وحتى إذا تمادى الأبرار فى خوفهم وجبنهم وسكوتهم وقعودهم عن النهى عن المنكر ومجابهة الفسدة اشتد غضب الله فإذا غضب شمل غضبه الفجار بما فجرو وظلمو وفسدو وأفسدو ، والأبرار بما سكتو وتقاعسوا وتهاونوا ورضوا بالذله وعدم الثورة والإستمرار فى ثورتهم .)واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلمو منكم خاصة ) ( وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون ) فاللهم اجعلنا ممن يجاهدون فى الله حق جهاده ويغضبون لحرمات انتهكت ودماء سالت وأنفس أزهقت وأعراض إنتهكت وشريعة غيبت وشرعية إغتصبت . اللهم آمين اللهم آمين.
أضف تعليقك