• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

العائدون من معسكر الانقلاب

جمع الانقلاب أشتاتا من الناس كانت لهم فيه منافع ومشارب وبعد أن ذهبت السكرة وحضرت الفكرة تحول الكثير من مواقفهم المؤيدة للانقلاب من ممتعض منه حانق عليه الى مهاجم له ومقاوم له وموقف العائدين من الانقلاب له وجوها عدة سياسية ودينية واقتصادية .

أما الجانب الديني بالنسبة لتوبتهم فمنه ما يتعلق بالعائدين ومنه ما يتعلق بالموقف في التعامل معهم ومنه ما يتعلق بالآثار التي تترتب على هذه التوبة .

اولا:- أما بالنسبة للعائدين من الانقلاب فأيا كانت الدوافع والبواعث لهذه العودة فهي عودة محمودة والأمر مداره على النية وباب التوبة مفتوح مهما ارتكبوا من جرائم وآثام فإذا تأملنا في القران لا نجد ذنبا ليس له توبة أيا كان حجم هذا الذنب فالكفر وهو اكبر الجرائم والذنوب الإقلاع عنه مطلوب والعودة منه محمودة والتوبة منه مقبولة ما لم يصل حد الاحتضار " قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِين" فهذه قاعدة عامة في كل الجرائم والمعاصي دقيقها وعظيمها والتوبة تكون بشروطها المعروفة الإقلاع عن المعصية والندم على ما فات والعزم على عدم العودة وإذا تعلقت المعصية بحقوق العباد وجب رد الحقوق الى أصحابها

ثانيا:- أما الموقف من التعامل مع هذه التوبة فالأصل ان لا شان لأحد بها سوى الترحيب بها والتشجيع عليها مهما كانت الغصة من أفعالهم ومهما كان الجرح غائرا من مواقفهم فتوبة هؤلاء أن الأصل فيها أن تكون لله لا الى احد من البشر وقبول توبتهم موكولة الى الله وحده وليس الى احد غيره فليس من حق احد الاعتراض عليها كما لا يجوز تعييرهم بما كان من سالف عهدهم وقد قال الله في آثار التوبة من أعظم الجرائم وهي الشرك" فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ۗ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11(التوبة .

ثالثا:- أما عن الآثار التي ترتب على هذه التوبة من معاملات سياسية واجتماعية وثقافية فهذا له شأن آخر وقد رأينا تخبطا وتباينا في التعامل مع هذا الشق .

ا- :- يبقي ما ارتكبوه من جرائم بشان تأييدهم للانقلاب والترويج له باقيا في سيرتهم الذاتية يؤخذ في الحسبان عند التعامل معهم فلا يجوز إعادتهم مرة الى صدارة الصفوف والحديث باسم رافضي الانقلاب في الفضائيات والصحف والتهليل بتصريحاتهم والترويج لها لمجرد قولهم أنهم اخطئوا في تأييدهم للانقلاب فالأمر يحتاج الى بلاء حسن لمواقفهم الجديدة يظهر فيه صدق مواقفهم ويجب الاحتياط منهم حتى لا يربكوا المشهد ويثيروا البلبلة كما فعلوه أول مرة هكذا فعل عمر رضي الله عنه مع من كان مع مسيلمة الكذاب وأراد التوبة لم يخرجه للجهاد في الصفوف الأولى، حتى لا يحدث منه أي موقف يفت في عضد الناس،

2- وهناك من الجرائم من لا تمحو التوبة الآثار المترتبة عليها مثل جريمة القذف فالتوبة منها لا تمحوا ما ترتب عليها من اثر في رد شهادتهم وعدم قبولها يقول تعالى "{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) النور. فالتوبة هنا متعلقة بالفسق فقط لكن عدم قبول الشهادة لا تمحوه التوبة فيظل القاذف مجروح العدالة غير مقبول في الشهادة وان تاب لدلالة قوله تعالي " أبدا " فعن قتادة في قوله تعالى ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا قال كان الحسن يقول لا تقبل شهادة القاذف أبدا وتوبته فيما بينه وبين الله وكان شريح يقول لا تقبل شهادته ومن ثم فإننا نري ان العائدين من الانقلاب بعد ان كذبوا وافتروا وتابوا فتوبتهم بينهم وبين الله لكنهم يظلون مجروحي العدالة في آرائهم السياسية وتحليلاتهم فما كان منهم من نخب فكرية وسياسية وإعلامية وعادوا عادوا كأفراد عاديين لا يعتد بآرائهم ولا يسمع لهم ولا يتصدروا المجالس ولا ينبغي الترويج لهم .

 

* أبوالعزايم عبد الحميد دسوقي

محام ومستشار قانوني

وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

أضف تعليقك