كيف نربي أنفسنا والآخرين على مقاومة الظلم والظالمين؟
1- تقوية الإيمان في القلوب:
ومن لوازم الإيمان الاعتقاد بأن الأجل محدود، والرزق معدود، ولن تموت نفس حتى تستكمل أجلها ورزقها، وهذا يُولِّد الشجاعة في القلوب فلا تهاب من الظالمين ولا تخشاهم، وكيف ذلك وقد وثقت في الله وفيما عنده جلَّ وعلا، فهان كل خطر، وصغُر كل خطبٍ ما دام في طاعة الله ومرضاته.
2- رفض الظلم قلبياً:
قد يحسب بعض الناس أن التغيير بالقلب يعني التغيير السلبي، الذي لا يغير شيئا ، ويكتفي بكلمات يقولها المسلم في قلبه ولا يتحرك بها لسانه، والحاصل أن التغيير بالقلب من مراتب الإيمان، ولا يمكن للسلبي أن ينال هذه المكانة.
3- التعود على التنظيم:
1هذا العصر الذي نعيش فيه هو عصر النظم والادارة . والمقاومة كنشاط إنساني تعتبر إدارة بكل ماتعني الكلمة من معنى ومن أساسيات المقاومة معرفة قدرات الخصم ونقاط قوته ونقاط ضعفه، ومعرفة قدرات المقاوم ليوظفها توظيفا صحيحا تمكنه من شل قدرات الظالم وإضعافه فالتنظيم يقسم المقاومة إلي مراحل كل مرحلة تؤدي إلي التي بعدها حتي يتحقق الهدف ، ويتم تقسيم الأدوار وتقييم المواقف واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب وتوفر المعلومة …الخ أما الانفعال واسقاط تجارب الآخرين دون إدراك للواقع فإنه يعتبر تصرف أحمق لا يقتل عدوا ولا يترك صديقا وسيمكن الظالم من الاستمرار.
4- التعود على إعلان رفض الظلم واعتزال الظالمين:
إن الظالم يحيط به الخوف من كل جانب ، فعندما يعلن المظلومون رفضهم لظلمه فإن ذلك يزيده خوفا ويدفعه للتراجع ! لقد حث الاسلام على اعتزال الظالمين ومقاطعتهم قال تعالى "ولا تركنوا إلي الذين ظلموا فتمسكم النار"
5- تدريب النفس على التحرر من الخوف , وتعويدها على الإقدام في المواقف الصعبة
6- أن تكون واعيا بالمظالم :
من أهم وسائل المقاومة أن يدرك الانسان أنه مظلوم ويحدد من الذي ظلمه وما هو نوع الظلم الذي وقع عليه وهل لديه يد فيما وقع عليه من ظلم؟ ليقرر بعدها خيارات المقاومة
7- اكتساب مهارات أساليب المقاومة السلمية من القدرة على البيان بالكتابة أو الرسم أو التمثيل أو الخطابة وما الى ذلك…..
8- الدريب على الصبر وقوة التحمل فالنصر صبر ساعة
9- حق المقاومة بالطرق القانونية النافذة والسليمة بما يُسمَّى "دولة القانون" – هذه الدولة التي يقوم فيها نظامُ الحكم على قواعد دستورية مُلزِمَة، تنصُّ صراحةً على تساوي المواطنين أمام القانون، لا تمييز بينهم بسبب الجنس أو اللغة أو العقيدة الدينية؛ وتُستمَدُّ القوانينُ التي تشرِّعها الدولة من هذه المبادئ، بحيث يتساوى الجميع في الخضوع لهذه القوانين، ولا يستطيع الأقوياء خَرْقَها. وبذلك يستقر النظام العام، وتزول الفوضى، ولا يعاني أحد من ظلم القانون أو يخشى من فساد تطبيقه
10 – الاستفادة من الوسائل العصرية (الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها )
مشروعية مقاومة الظلم والظالمين
لقد شرع الله مقاومة الظلم والظالمين وحثَّ عليه، فقد جاء في بعض الأحاديث اعتباره أفضل الجهاد:
(1)عن أبي عبد الله طارق بن شهاب البجلي الأحمسي : أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ وقد وضع رجله في الغرز ـ أي الجهاد أفضل قال : كلمة حق عند سلطان جائر ، رواه النسائي ، قال المنذري في الترغيب : إسناده صحيح .
(2)عَنِ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ : " سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَرَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَقَتَلَهُ " صححه الألباني في صحيح الترغيب
وبهذا جرّأ الرسول الكريم أمته: أن تقول كلمة الحق في وجه السلاطين الظلمة المتجبِّرين، لا يبالون ما يصيبهم في سبيل الله؛ أن يقتلوا في سبيل الله. وهذا أغلى وأعلى ما يتمناه مسلم لنفسه: أن يُختم له بالشهادة في سبيل الله، ولا سيما إذا كان بجوار سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، أسد الله وأسد رسوله.
(3) اعتبر د. يوسف القرضاوي أن من ميادين الجهاد في داخل المجتمع ميدان مقاومة الظلم والظالمين، والأخذ على أيديهم، وعدم الركون إليهم، كما قال تعالى: (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) هود:113.
لماذا جعل مقاومة الظالمين من أفضل الجهاد ? !! ذلك أن خطر الفساد الداخلي إذا تفاقم يشكل خطرا جسيما وشرا كبيرا على الأمة، ولهذا يعتبر الإسلام الجهاد ضدَّ الظلم والفساد في الداخل مقدَّما على الجهاد ضدَّ الكفر والعدوان من الخارج لأن الفساد الداخلي كثيرا ما يكون ممهِّدا للعدوان الخارجي، كما تدلُّ على ذلك أوائل سورة الإسراء، إذ قصَّت علينا ما وقع لبني إسرائيل حين أفسدوا في الأرض مرتين، وعلَوا (طغَوا) علوًّا كبيرا، ولم يجدوا بينهم مَن ينهى عن هذا الفساد أو يقاوِمه، فسلَّط الله عليهم أعداء من الخارج، يجوسون خلال ديارهم، ويدمِّرون عليهم معابدهم، ويحرقون توراتهم، ويسومونهم سوء العذاب، ويتبِّرون ما علَوا تتبيرا، وكان وعد الله مفعولا.
(4) حذر الرسول صلى الله عليه و آله وسلم من معاونة الظالمين : فقال: (سيكون أمراء فسقة جورة فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس منى ولست منه ولن يرد على الحوض) رواه احمد والنسائي.
سأل أحد السجانين الإمام أحمد بن حنبل عن الأحاديث التي وردت في أعوان الظلمة وما لهم من العذاب عند الله تعالى؟ فأعلمه أنها أحاديث صحيحة. فقال له: وهل ترى مثلي من أعوان الظلمة؟ فقال له: لا، لست من أعوان الظلمة. إنما أعوان الظلمة مَن يخيط لك ثوبك، ومَن يهيّئ لك طعامك، ومَن يقضي لك حاجتك. أما أنت فمن الظلمة أنفسهم!!
لماذا السجان من الظلمة أنفسهم ? !! ذلك أن الجبار المستكبر في الأرض لا ينفذ ظلمه بنفسه، ولكن بوساطة هذه الآلات البشرية التي يستخدمها في قهر العباد، وإفساد البلاد، وهي تكون له عادة أطوع من الخاتم في أصبعه!
(5) حذر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من هيبة الظالمين: (اذا هابت أمتى ان يقولوا للظالم : انت ظالم فقد تودع منهم) حديث صحيح ، اخرجه احمد .
ومعنى »تودِّع منهم«: أي لا خير فيهم، فقد استوى وجودهم وعدمهم، فإن مبرِّر وجود الأمة: أن تقوم برسالتها، وهي الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
(6) حذر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من أن نكون إمعات :
وقال النبي عليه افضل الصلاة والسلام و على آله : (لا تكن كالإمعة ، إن أحسن الناس أحسنت ، وإن أساؤوا أسأت ، ولكن وطنوا أنفسكم ، إن أحسن الناس أن تحسنوا ، وإن أساؤوا ألا تظلموا) - رواه حذيفة بن اليمان وأخرجه الألباني
الاٍمعة : هو ذلك الشخص الذي لا يملك رأي وبالأدق ليس له رأي بالأصل فتراه أينما جلس يوافق علي ما قيل أمامه من حديث وكلام بل ويؤيدهم بالكلام أي لا يكتفي بالجلوس و الالتزام بالصمت حتى ولو كان يعلم بأن ما يقال أمامه هو غير صحيح وهو باطل .
ولذلك من الواجب علينا مواجهة الظلم؛ فلا نكتفى أن نعرف الظلم ونسكت، أو نجلس نتلاوم على الظلم الحاصل، بل لا بد أن يكون لكل منا دورٌ في مقاومة الظلم والظالمين
(7) أخرج أبو داود وصححه الترمذي وابن حبان عن أبي بكر الصديق عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ.
(8) عَنْ أَبي سَعيدٍ الخُدريِّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعتُ رِسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقولُ: (مَن رَأى مِنكُم مُنكَرَاً فَليُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَستَطعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَستَطعْ فَبِقَلبِه وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإيمَانِ)[235] رواه مسلم.
أعلم أن التغيير بالقلب: ليس التغيير أو الجهاد بالقلب موقفا سلبيا، كما يفهمه بعض الناس، وإلا ما سمَّاه الرسول تغييرا أو جهادا، ولا جعله مرتبة من مراتب الإيمان، وإن كان هو المرتبة الدنيا، التي ليس وراءها من الإيمان حبة خردل ولكن معناه غليان القلب غضبا على المنكر، وكراهية للظلم، وإنكارا على الفساد فحين يمتلئ القلب بهذه (الشحنة) من الغضب والكراهية والإنكار والثورة الداخلية : يكون ذلك تحضيرا معنويا لثورة ظاهرية عارمة، يغلي الغيظ في صدر المؤمن ، كما يغلي المِرجَل فوق النار؛ فلا بد لهذا المِرجَل أن يتنفس، وإلا تفجَّر أو تكسَّر! فهذه الشحنة القلبية الوجدانية الانفعالية: رصيد مهم لأي تغيير عملي مرتقَب، فالتغيير لا يبدأ عادة من فراغ، بل لابد له من مقدِّمات ودوافع نفسية، تدفع إليه و توشك أن تقتلع الظلم والفساد من جذوره .
ومن هنا لا بد للأمة إذا رأت الظالم أن تنصحه، على أي مستوى من مستويات القيادة في الأمة سواء كان الظلم من الحكام وأولي الأمر للرعية والشعوب أم من القادة للجنود، أم من الرؤساء للمرؤوسين أو من الأغنياء للفقراء، أم من الملاَّك للمستأجرين، أم من أرباب العمل للعمال، ، أم من الرجال للنساء، أم من الكبار للصغار، أو من المدير في المدرسة، الأب في المنزل.. ، يجب أن يقاوَم ويجاهَد، بما نقدر عليه من اليد، أو اللسان، أو القلب، وهذا واجبُ الأمة أحادا وجماعات حتى نتخلص من الظالمين
أضف تعليقك