يمر اليوم ذكرى موقعة “رأس برقة”، التى تقع جنوب سيناء على الحدود المصرية الفلسطينية، والتي قتل فيها 7 إسرائيليين، بعدما انتهكوا الحدود المصرية، وتعدوا على سيادتها، على يد الجندي المصري سليمان خاطر ان قرية الشرقية.
قضية "خاطر" بدأت في يوم 5 أكتوبر عام 1985، وأثناء قيام سليمان خاطر بنوبة حراسته المعتادة بمنطقة رأس برقة أو رأس برجة بجنوب سيناء، فوجئ بمجموعة من السياح الإسرائيليين يحاولون تسلق الهضبة التي تقع عليها نقطة حراسته فأطلق رصاصات تحذيرية، ثم أطلق النار عليهم؛ حيث إنهم لم يستجيبوا للطلقات التحذيرية، ليقتل 7 منهم ويصيب آخرين.
وسلم سليمان خاطر نفسه بعد الحادث، وصدر قرار جمهوري، بموجب قانون الطوارئ، بتحويل الشاب إلى محاكمة عسكرية؛ حيث طعن محامي سليمان -كان المحامي هو الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل- في القرار الجمهوري وطلب محاكمته أمام قاضيه الطبيعي، وتم رفض الطعن.
وتمت محاكمته بعد ذلك عسكريًا، وفي خلال التحقيقات معه، قال سليمان إن أولئك الإسرائيليين قد تسللوا إلى داخل الحدود المصرية من غير سابق ترخيص، وأنهم رفضوا الاستجابة للتحذيرات بإطلاق النار، مؤكدًا أنه ما كان يجب له أن يتركهم يعبرون، خاصة أن نقطة الحراسة كانت بها أجهزة لا ينبغي أن يراها أحد.
وصدر حكم المحكمة، في آخر ديسمبر 1985، بالأشغال الشاقة المؤبدة على "خاطر"؛ حيث نقل إلى السجن الحربي في مدينة نصر، وأودع مستشفى السجن لعلاجه من إصابته بـ"البلهارسيا"، بحسب ما قالته الصحف الصادرة وقتها.
وفي يوم 7 يناير عام 1986، الذي كان اليوم التاسع له في السجن، أعلنت الإذاعة المصرية وتداولت الصحف، خبر انتحار الرقيب سليمان خاطر، داخل محبسه بالسجن الحربي.
انتحار أم اغتيال؟
وقال أهل سليمان خاطر، وفقًا لشهادتهم في فيلم وثائقي حول وفاته: "استحالة أن يكون خاطر انتحر؛ فالمنتحر له صفة تشريحية معينة بالنسبة لوضعية عينيه وذراعيه، ولكن هذه الوضعيات لم تكن في هيئة جثة سليمان، بالإضافة إلى أننا وجدنا أظافره متكسّرة، وهذا يدل على مقاومة من سليمان لقاتله، فهو كان يريد النجاة ويدافع من أجل حياته".
وقال حمدي كسكين، الصديق المقرب لـ"سليمان خاطر"، في حوار له، إن "وفاة خاطر كانت مدبرة"، مشيرًا إلى أنه "زاره قبل إعدامه بيوم واحد فقط، وكان يوجد معه الصحفي مكرم محمد أحمد وأحد المصورين وأستاذ الطب النفسي محمد شعلان"، لافتًا إلى أن "الأسئلة التي كان يطرحها مكرم محمد أحمد تقدم في مدلولها الإرهاصات التي تؤكد سلفًا وفقًا لكلامه أن هناك نية لإلحاق شيء ما بسليمان"، متابعًا: "على سبيل المثال سأله مكرم محمد أحمد (هل الدين الإسلامي يحلل قتل أطفال صغار؟)" حسب تصريحاته في الحوار.
ويضيف "كسكين"، "هذا السؤال أغضب سليمان؛ لأنه لم يكن بين من قتلهم أطفال، ولكن وقتها قام المصور والتقط بعض صور لسليمان وعلى وجهه ملامح الغضب، وتم عرضها على شعلان الطبيب النفسي، وبتحليل الصور قال إن سليمان مريض نفسي ويقترب من الجنون، ما يخشى معه على حياته. وبالفعل نزل عدد مجلة المصور في السوق وبه حوار مكرم محمد أحمد، والحوار اعتمد على الصورة أكثر من الكلام، وقد تم نشر العدد بالتزامن مع وفاة خاطر".
قال مصطفى الفقي، مستشار المخلوع وقتها: "ربما تكون المخابرات المصرية هي من قتلت خاطر؛ فمن الممكن أن تحدث العديد من المواقف والجرائم ولا يعلم عنها الرئيس شيئًا في حينها، فالاستخبارات في مصر لا تستأذن بل تتصرف كأنها تحل مشكلة ما ويمضي الموضوع على هذا النحو".
واندلعت مظاهرات بعد وفاة سليمان خاطر داخل محبسه، وخرجت الجموع في مظاهرات تندد بقتله فور الإعلان عن انتحاره، وخرج طلاب الجامعات والمدارس الثانوية مرددين هتافات "الشعب هياخد التار.. الصهيوني ده غدار"، و"سليمان قالها في سينا.. قال مطالبنا وقال أمانينا"، و"سليمان خاطر يا شرقاوي.. دمك فينا هفيضل راوي"، و"سليمان خاطر قالها قوية.. الرصاص حل قضية"، و"سليمان خاطر مات مقتول.. مات علشان مقدرش يخون".
أضف تعليقك