"أعلم أنك هنا لتقتلني.. اقتلني أيها الجبان.. فأنت لا تفعل شيئا سوى أنك ستقتل رجلا!!" (جيفارا لقاتله)
أعلم أن موضوع اغتيال الدكتور محمد كمال والدكتور ياسر شحاته وتصفيتهما بدم بارد مؤلم نفسيا (وهذا مقصود في سياق الحرب النفسسية ضد الثورة) لكن الحدث مهم سياسيا.. مهم أكثر مما تتصورون!
ولنا هنا عدة ملاحظات على اغتيال الدكتور محمد كمال والأستاذ ياسر شحاته رحمهما الله:
-
تسريب خبر الاعتقال قبل خبر الاغتيال يعني أن هناك من أراد إحراج الداخلية وتلبيسها في الحيطة.. وهو نفس الذي سرب خبر اعتقال ريجيني قبل أن تنفي الحكومة صلتها به!
-
الداخلية لم تنشر أي صور للواقعة.. وهذا يعني خوفهم من ازدياد جرعة الغضب المتصاعد، وأن الصور كانت غالبا ستفضح روايتهم أكثر مما تعضدها!
-
لا أعتقد أن الشهيد محمد كمال ومرافقه كانا بعيدا عن أعين الأمن! ولا أعتقد أن الأمر كان ضربة أمنية كما تريد الداخلية أن تصنع انجازات من الهواء.. لكن الداخلية لا تدرك أن السيسي يضعها في بؤرة الأحداث ويخفف الضغط عنه وعن الجيش، ويلفت الأنظار قليلا عن أزمات البلاد المتلاحقة! (دعم الكنيسة- زيارة سامح شكري - مأساة مركب رشيد - تعويم الجنيه وارتفاع الدولار - حزمة القوانين المتخلفة في البرلمان مثل الخدمة المدنية والقيمة المضافة ...إلخ)..
-
هناك احتمال إن أجهزة الأمن تكون ألقت القبض عليه فعلا وبعدين اتصلوا بالسيسي فقالهم خلصوا عليه.. لو الأمور بتمشي كده عندهم يبقوا رايحين في ستين داهية عن قريب إن شاء الله (في موضوع ريجيني اتصلوا بالسيسي بعد ما قتلوه قالهم اىموه في الصحراء.. عبقري الولد!)
-
السيسي بغبائه الشديد وحد الإخوان من جديد.فالجميع ترحم على روح الشهيدين. وطمأن الداخل والخارج دون أن يدري أن دعاة الثورة المسلحة داخل الإخوان قد انتهوا تقريبا.. وأن الجناح السلمي هو المهيمن!! مالا يدركه السيسي أن كل قطرة دم تسيل تزيد هذا الجيل اقتناعا أن الإصلاح لا يفيد.. وأن التطهير فريضة شرعية وضرورة ثورية!
***
ليس خفيا أن الصراع بين جناحي الإخوان كان بشكل رئيسي على هذه النقطة؛ عسكرة الثورة! من يتبنى الفكر الثوري/العنيف (اختر التسمية التي تروق لك) في مقابل السلمية. لم يكن الصراع على مناصب كما تصور البعض!
السيسي أراد لهذه الثورة أن تتعسكر لشرعنة وجوده، وتكرار سيناريو عشرية الجزائر السوداء! والغرب كان يخشى من ذلك ويراقب من بعيد، فتكرار هذا السيناريو في مصر الواقعة على حدود فلسطين المحتلة مخيف، وتكرار هذا السيناريو في مصر ذات الـ 90 مليون نسمة الراغب معظمهم في الهجرة إلى أوربا مرعب! (تخيل آلاف المراكب على غرار مركب رشيد)
شخصيا كنت ولازلت ضد عسكرة الثورة.. لكن إجرام السيسي وعمالته وخيانته وصهيونيته ودمويته لا يختلف عليها أحد..
ومع انهيار شعبية السيسي وانهيار العملة واشتعال ألأسعار وتفاقم الأزمات كان السيسي بحاجة إلى وجبة جديدة من الدماء لترميم الهيبة المفتقدة والسيادة المنتهكة والأزمات المنفجرة! وجد هذه الوجبة في الأخ الدكتور محمد كمال، وأراد بها إعادة الداخلية إلى الواجهة، لتخفيف الضغط عليه وعلى العسكر!
السيسي المجرم لا يدرك بغبائه أنه يقول للخليج والغرب وكل من يهمه الأمر في مصر: لا خوف من عودة الإخوان الآن.. فالجناح الذي يتبنى المنهج الثوري/ العنيف قد انتهى، ولم يعد يتبقى إلا جناح "سلميتنا أقوى من الرصاص"، وهو الجناح الأكبر في الجماعة على كل حال.
رحم الله الشهيد محمد كمال وإخوانه.. أسأل الله أن يجعل دمه لعنة على السيسي وقاتليه.. كما أسأله سبحانه وتعالى أن يجعل اغتيال الشهيد محمد كمال على يد السيسي كقتل التابعي الجليل سعيد بن جبير على يد الحجاج.. وقد كان دعاء سعيد بن جبير على الحجاج قبل مقتله "اللهم لا تسلطه على قتل أحد من بعدي" .. اللهم لا تسلط السيسي على أحد بعد محمد كمال! اللهم عجل بهلاك الانقلاب ومن يؤيده.
Dr. Ahmed Nassar - د. أحمد نصار
أضف تعليقك