أعتقد أن إقدام نظام السيسى على التصويت لصالح تحالف روسيا وإيران والأسد والصين كانت خطوة مدروسة جيدًا وأعدت سلفًا ولها أسبابها الاقتصادية والسياسية والأيدولوجية.
فالسبب الأول أن روسيا لا تهتم بسجل السيسى في حقوق الإنسان مثل واشنطن، التي انتقدت سجل السيسى لحقوق الإنسان أكثر من مرة.
والسبب الثانى أنه يخشى أن تتخلى أمريكا عنه في أي لحظة كما تخلت عن مبارك، الذى اعتمد عليها كليًّا، فهو لا يريد أن يضع كل بيضه فى سلة أمريكا.
أما السبب الثالث فهو أنه يعمل كل ما فى وسعه لإرضاء روسيا حتى توافق على عودة السياح والرحلات الروسية لشرم الشيخ.
أما السبب الرابع فهو تزايد نفوذ روسيا في المنطقة، وعدم تخليها عن حلفائها لدرجة أنها تشن الحروب دفاعًا عنهم كما هو الحال مع بشار الأسد، لذلك صوت لصالحها وعقد صفقات أسلحة معها، وسوف يجرى مناورات معها وربما يعطيها قاعدة عسكرية في مصر لتعميق هذا التحالف.
والسبب الرابع أن هناك شبهًا كبيرًا بين النظامين؛ حيث إنهما نظامان عسكريان يحاربان الإسلاميين.
السبب الخامس هو تقلص نفوذ السعودية وتوتر العلاقة بين واشنطن والرياض بسبب قانون جاستا، فالسيسى يرى أن الرياض لم تعد الحليف القوى اقتصاديًّا وسياسيًّا بعد هذا القانون وانخفاض عائدات النفط، كما أنه يمكنه أن يبتز السعودية ويتهمها بدعم الإرهاب على عكس روسيا وإيران والصين.
السبب السادس أنه يريد سببًا قويًّا لمنع تدفق المعتمريين والحجاج إلى السعودية مما يوفر 6 مليارات دولار سنويًّا ويعطى إثباتًا آخر لأسياده أنه يحارب كل مظاهر التدين عند المصريين.
السبب السابع هو طمعه في تدفق السياح الإيرانيين لزيارة العتبات المشرفة في مصر كما روج لذلك إعلام الانقلاب.
السبب الثامن أنه ربما يبحث عن مسوغ لإلغاء قراره بإعطاء جزيرتى تيران وصنافير للمملكة، هذا القرار الذى شق صفوف الانقلابيين.
السبب التاسع أن السيسى أتى ضمن مخطط صهيونى لإعادة تشكيل وتقسيم المنطقة وتغيير عقيدتها وهويتها والدور الآن على السعودية.. فقد ساند حفتر وامتنع عن الانضمام إلى تحالف السعودية لمحاربة الحوثيين في اليمن، كما أيد بشار وحاصر أهل غزة لصالح إسرائيل، ووافق على إنشاء سد النهضة، إضافة إلى وأده الديمقراطية في مصر وتوريطها في عدد من المشروعات الفاشلة.
السبب العاشر أن إستراتيجية السيسى في العلاقات الدولية بلا أخلاق أو مبادئ؛ حيث إنها تركز على كسب النقاط وليس الأصدقاء، فعدد النقاط التي كسبها من تصويته لصالح روسيا أكبر من عدد النقاط التي خسرها بسبب غضب السعودية، والدليل على ذلك أنه صوت لصالح كل من روسيا وفرنسا حتى يكسب أكبر عدد ممكن من النقاط رغم التناقض بين القرارين.
كما أن تصويته لصالح حلف إيران-الأسد-روسيا يكسب بعض النقاط عند الصين، التي دخلت مؤخرًا للدفاع عن الأسد، وتقوم ببناء مشروعات كبيرة في مصر وعلى رأسها العاصمة الجديدة، كما أنه يطمع في جذب السياح الصينيين أيضًا. فالسياح الروس والصينيون والإيرانيون لا يهتمون بسجل حقوق الإنسان على عكس السياح الغربيين، كما أن توتر العلاقة مع الرياض يكسبه بعض النقاط عند العلمانيين والمسيحيين المتشددين في مصر.
والدليل على أن هذه الخطوة مدروسة وأنها خطة وضعت سلفًا وليست خطأً دبلوماسيًّا هو تهليل إعلام الانقلاب بهذه الخطوة وشرحهم المنافع المتولدة عن توتر العلاقات مع الرياض، وسرعة اتخاذ قرار وقف رحلات العمرة للمملكة، وهجوم إعلام السيسى على المملكة واتهامها بدعم الانقلاب، وحديث الإعلام عن قرب تدفق السياح الإيرانيين لمصر.
أضف تعليقك