يؤكد حكم العسكر يوميًا على فشله في إدارة البلاد، وهو ما شعر به المصريون من الانقلاب العسكري الذي قاده عبد الفتاح السيسي عام 2013 ضد الرئيس الشرعي د. محمد مرسي.
فما هي إلا ساعات قليلة عقب قرار تحرير سعر صرف الجنيه المصري في مقابل الدولار والعملات الأجنبية الأخرى، حتى صدر قرارٌ آخر برفع أسعار المحروقات والمواد البترولية.
وقد أثار القرارُ الجديد استياءً شديدًا وردود فعل غاضبة لدى المصريين، مشيرين إلى أن هذه القرارات تضيف مزيدًا من الأعباء عليهم.
وأكد خبراء أن هذه القرارات ستعقبها زيادات أخرى لن يتحمل تكاليفها سوى المواطن الغلبان، خاصة بعد أن أعلنت 24 جمعية زراعية تعديل العقود التي تم إبرامها مع المنتجين ورفع مصانع الأسمدة لأسعارها؛ ما يترتب عليه زيادات في أسعار الخضراوات والفاكهة والألبان والسمن.
حالة من التذمر
سيطر قرار زيادة أسعار الوقود على أحاديث المصريين، أمس الجمعة، وأبدى معظمهم استياءه بسبب إضافة أعباء جديدة على حياتهم، بعد أن تم رفع سعر بنزين 80 من 1.6 جنيه إلى 2.35 جنيه للتر بنسبة تصل إلى 45%، وبنزين 92 من 2.6 جنيه إلى 3.5 جنيهات للتر بنسبة تصل إلى 35%، كما ارتفع سعر السولار من 1.8 جنيه إلى 2.35 جنيه للتر بنسبة زيادة 30%، وغاز السيارات من 1.1 جنيه إلى 1.6 جنيه للمتر المكعب.
وأثارت زيادة الأسعار الأخيرة غضب السائقين فى مواقف الميكروباص وسط حالة من التذمر، وتخوف من ردة فعل عسكية من الركاب نتيجة لاضطراهم رفع سعر الأجرة.
كما رفع سائقو الميكروباص والسيرفيس في مراكز ومدن محافظة الشرقية، أسعار المواصلات داخل المحافظة وخارجها، أمس الجمعة، بناءً على رفع سعر الوقود مساء الخميس، وهو ما أثار حالة من الاحتقان والغضب بين الأهالي.
وعبر أحد السائقين عن موقفهم من رفع أسعار المواصلات قائلًا: "أنا وزملائي السائقين هنعمل إيه؟..الحكومة رفعت علينا أسعار السولار والبنزين، فبدورنا لازم نرفع الأجرة حتى نستطيع جمع ما نقوم بصرفه على السيارات من وقود وإصلاحات، ونستطيع توفير أي مبالغ لإطعام أطفالنا".
خوف من مجهول
بعد تعويم الجنيه، تنتاب جموع المصريين مشاعر خوف من "مصير مجهول" وموجة غلاء علت وتيرتها خلال الشهور الماضية، منذ الخفض الكبير للعملة المحلية بنحو 14% في منتصف مارس الماضي، ورفع أسعار الكهرباء وتطبيق ضريبة القيمة المضافة.
ويتفاقم الشعور بالقلق بعد قرار تعويم الجنيه المصري، وخاصة على محدودي الدخل، وسط توقعات بارتفاع أسعار السلع المستوردة والمحلية على حد سواء في البلد الذي يستورد أكثر من 70 % من احتياجاته من الخارج.
ومن شدة هول اليوم وصفه الكثيرون بـ"الخميس الأسود"؛ حيث انتشر الوصف على نطاق واسع ليعبّر عن حال المصريين الذين يشكون منذ فترة من موجة غلاء قصمت ظهورهم، إلا أن الحكومة وعبر قرارات اقتصادية جديدة وصفها خبراء بـ"المؤلمة" تجاوزت ظروف وحال الكثيرين في البلد الذي تخطت نسبة الفقر فيه أكثر من 27% حسب إحصاءات رسمية.
وشهدت مصر ارتفاع معدل التضخم السنوي في أسعار المستهلكين إلى 16.4% خلال أغسطس/ آب الماضي، وهو الأعلى في غضون ثمانية أعوام.
ويرى أستاذ الاقتصاد المصري شريف الدمرداش، أن القرارات الاقتصادية الأخيرة، "ستتسبب في موجة تضخم تتضرر منها الطبقة المتوسطة".
واعتبر الدمرداش في حديثه لوكالة الأناضول أن توقيت رفع أسعار الوقود "خاطئ"، ورأى أن المسار الأفضل كان يقتضي الاتفاق مع صندوق النقد الدولي بأن يكون القرار لاحقًا وليس سابقًا للقرض.
أضف تعليقك