ويا لها من ليلة ستمر كئيبة حزينة على من وطّن نفسه الشهور الماضية على قرب لقائه ربه شهيدًا في سبيله..
يتنسم فيها قول موسى عليه السلام: "وعجلت إليك رب لترضى" ..
بعد أن عاش أيامًا في رحاب قول مؤمن بني إسرائيل: "وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد"..
فالفرصة الكبرى التي أتيحت له أن يلقى ربه شهيدًا أوشكت أن تضيع، وأحلام ملاقاة الله صريعًا في سبيله تأجلت، وعدنا إلى الصراع التقليدي..
وقد سبق ووعد بأن يفدي الشرعية من دمه هو، وكان صادقا – بحول الله - في كلامه ..
سيذكر الرئيس ومن معه أن الأستاذ سيد قطب رحمه الله سئل: هل سينفذون الأحكام؟ فرد عليهم بما معناه: لو نستاهلها هينفذوها!! يقصد الشهادة، وكم ستكون الذكرى مؤلمة خشية أن يكونوا: "ميستاهلوهاش".
ومن المؤكد أنه كان يدندن بينه وبين نفسه بكلمات هاشم الرفاعي في رائعته: رسالة في ليلة التنفيذ، وأخذ يجهز نفسه لهذه الليلة ، أو أنه كان يكرر على نفسه كل وقت شعار الدعوة ليتأكد من تغلغله في روحه وصدقه فيه :"والموت في سبيل الله أسمى أمانينا" ، حيث وقت تطبيقه قد أزف ..
مرت على الرئيس ثلاث سنوات ونصف تقريبًا معزولا عن العالم إلا من مناجاته ربه ، وخلوته به ، ولا شك أنها أثمرت حالات ومقامات ، تجعل لقاء الله من أحب الأشياء إلى القلب ، ومن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ..
وربما فهمنا ذلك من الثبات الانفعالي في حركته وكلامه ، أعانه الله وحفظه وقوّاه ..
مهما كانت درجة الأخ منا ومسئولياته في الحياة الدعوية أو الاجتماعية والمادية ، ومهما لاقى من نجاحات وإخفاقات ، إلا أن تربيته الطبيعية توجهه إلى أنه سيلاقي ربه فردا ، ومن ثم يكون الاختبار الأكيد بالنسبة له هو : كيف سيلاقي ربه ؟
وفرق كبير في ضمير الأخ وإشراقات نفسه وتطلعاتها بين أن يلاقي ربه وهو متعب من العمل ، أو بعد إنجاز بعض نجاحات ، وبين أن يلقى ربه ودماؤه تغطيه ، وعندما يسأله ربه: فيم؟ : فيقول : فيك يا رب ..
يعجب الطغاة من ثبات المحكوم عليهم بالإعدام ، ولا يدرون أن كل نظرة المحكوم عليهم لهم أنهم قرّبوا الطريق وقصّروه ، فالشهادة هي الأمنية الجميلة التي لا يخلوا منها دعاء أخ ،
ونذكر بالدعاء المشهور : اللهم إنا نسألك قبل الموت توبة ، وعند الموت شهادة ، وبعد الموت جنة ونعيما ..
أسأل الله أن يربط على قلوب أحبتنا ، ويحفظ لهم مقاماتهم التي ارتقوا إليها ، وأن ينزل السكينة على قلوب أهاليهم وأحبتهم ، ويفرج عنهم ، وتكتحل عيوننا مرة أخرى برؤيتهم ..
......................................
فضيلة المرشد وسيدي الرئيس وإخواني في القضية :
قلوبنا معكم ، ودعاؤنا لكم ، وأنفسنا فداؤكم ، لا أرانا الله فيكم مكروها ، وأعادكم معززين منصورين ، وشفى صدور المؤمنين بنصر ، وأرواحهم بفرحة ، وعيونهم بدموع الانتصار ..
نسأل الله أن نلقاه شهداء ، وأن نكون جميعا ممن قصدهم الحديث الشريف : " من سأل الله الشهادة بصدق بلّغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه " ..
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قد يأذن الله لنا بعودة في عناوين مستفزة بعبارات متقاربة ، بألسنة صديقة وغير صديقة ، تذهب كل منحى ؛ مضمونها: (لماذا تراجع النظام عن إعدام قيادات الإخوان؟) .
أضف تعليقك