حل الظلام ووقفوا تائهين حائرين فى وسط العتمة وبدأت الهمهمات والأصوات والاعتراض على الأوضاع ولعن الحظ وتبادل الاتهامات. ما هذا الظلام الشديد ومن الذى أطفأ الأنوار؟ .
وبينما هم يتخبطون فى بعضهم ويكتفون بالسب والشتم، بدأ فريق منهم يستغل الموقف ويجرب سرقة جيوب الواقفين وسط الزحام وأغراض الغافلين وأمتعتهم . نجحت فكرتهم واستمروا ينتقلون من جيب إلى جيب ومن كومة إلى كومة فى السواد الحالك . ولا يفعل الضحايا إلا لعن الظلام ولعن اللصوص .
بدأ بعض اللصوص فى سرقة الأطفال الصغار من آبائهم وأمهاتهم ليذهبوا بهم بعيدا ويتوهون فى وسط الجموع، يبيعونهم لآخرين لا يعيشون فى الظلام يستخدمونهم كقطع غيار بشرية.
بدأ البعض الآخر فى استغلال الزحام والعبث بأعراض النساء وبدأ الناس شيئا فشيئا يسمعون أصوات الرزيلة وصيحات الزنا حتى اعتادوها مع الوقت .
كان طبيعيا فى مثل تلك الحالة أن يفكر بعضهم فى حل، وبالفعل بدأ أحدهم فى محاولة الحصول على شمعة وأعواد الثقاب لينير للناس طريقهم، بذل جهدا كبيرا، وفى لحظة فعلها وأشعل شمعته .
وهنا انكشف السارق والخاطف والزانى للحظات، ظهر كل شئ أمام الناس وانكشف المستور للحظات .
هب السارقين والزناة فى وجه من أوقد الشمعه وشتموه، واتهموه أنه صاحب غرض ومصلحة، وأنه ينير لنفسه وأهله ويترك الآخرين، يحتكر الضوء لنفسه وعشيرته .
وفجأة صرخ أحدهم بصوت عالى، إنها ليست شمعه، إنها أصبع ديناميت فى صورة شمعة سرعان ما سينفجر فى وجوه الجميع .
صرخت بعض النساء ممن استمرأن الرزيلة والظلام، صرخ اللصوص الذين وجدوا مصالحهم فى الظلام .
صاحوا جميعا فى وقت واحد، اطفئوا أصبع الديناميت، أغيثونا سينفجر فينا ويدمر المكان .
تكاثروا عليه واطفأوا شمعته، وأمسكوا بخناقه، كنت ستقتلنا أيها المجرم .. أنت عميل للأعداء .. أنت إرهابى .. عقدت المحاكمات .
من أين أتيت بالديناميت فى صورة شمعة .. من شركاءك فى الجريمة ؟؟.
صدرت التحذيرات من آخرين يحملون الديناميت فى صورة شموع . صادروا شموعهم . أصبحت الشموع دليل الجريمة .
هم من كانوا يسرقون جيوبنا . هم من سرقوا أطفالنا وتعاونوا مع أعدائنا .
اقتنع بعض الناس وهتفوا لمن أنقذوهم من الإرهابيين وغنوا لهم ودعوا لهم بسلامة أياديهم، وظلوا يلعنون الظلام، لكنهم ألقوا باللوم على أصحاب الشموع المتسببين فى استمرار الظلام .
بعدها بأيام، أصبح الظلام عاديا، استمرت السرقة والرذيلة وخطف الأطفال، لكنهم للعجب تعايشوا معه، ألفوا من يسرقونهم، تعودوا على الزنا والانحلال، أصبح الظلام مصلحة للكثيرين، قام أصحاب المصالح يهتفون للظلام ..
وبعد أن تم القبض على كل من يحملون الشموع، وإلصاق كل التهم بهم أصبح سب الظلام فى حد ذاته جريمة، ثم تم القبض على كل من ثبت عليه أنه سب الظلام .
أضف تعليقك